قال الشيخ البراك: يريد ـ رحمه الله ـ أن أسماء الله تثبت بالسنة كما تثبت بالقرآن، وهذا حق، ولكن لا وجه للشرطين الذين ذكرهما؛ فكل ما سمى الرسول ?به ربه وجب أن نؤمن به ونثبته، ونسمي الله به ولو لم يكن للفظه أصل في القرآن؛ كالجميل والرفيق. وتوهم النقص لا يصلح أن يكون ضابطًا في ما ينفى عن الله تعالى؛ فقد يتوهم بعض الناس ما ليس بنقص نقصًا لقصور في إدراكه، أو لمذهب باطل بنى اعتقاده عليه.
59 – قال الحافظ (10/ 233) على حديث رقم 5765: وأخرجه الطبري في التهذيب من طريق يزيد بن زريع، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب" أنه كان لا يرى بأسا إذا كان بالرجل سحر أن يمشي إلى من يطلق عنه، فقال: هو صلاح" .. الخ
قال الشيخ البراك: تمسك بعض الناس بقول سعيد هذا: حل السحر بسحر مثله؛ وذلك بذهاب المسحور إلى ساحر يحل السحر عنه.
وقول سعيد ـ رحمه الله ـ تعالى ليس صريحا في هذا، بل هو مجمل؛ فإن النشرة، وهي حل السحر عن المسحور، نوعان كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
الأول: حل بسحر مثله، وعليه يحمل قول الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر؛ فيتقرَّب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب، فيبطل عمله عن المسحور، وهذا النوع من النشرة حرام، وهي من عمل الشيطان كما في الحديث.
والثاني: حل السحر بالأدعية والتعويذات والأدوية المباحة؛ فهذا جائز بلا خلاف، وينبغي أن يحمل قول سعيد على هذا النوع. ومما يدل على تحريم الذهاب إلى الساحر لحل السحر قوله ?: "من أتى كاهنا أو عرافا، فسأله عن شيء، فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ?" [رواه الإمام أحمد، والأربعة]، والساحر من جنس الكاهن والعراف.
60 – قال الحافظ (10/ 258) على حديث رقم 5788
"قوله: (لا ينظر الله) أي لا يرحمه؛ فالنظر إذا أضيف إلى الله كان مجازًا، وإذا أضيف إلى المخلوق كان كناية، ويحتمل أن يكون المراد لا ينظر الله إليه نظر رحمة .. الخ
قال الشيخ البراك: النظر إلى الشيء يدل في اللغة على مجرد الرؤية عن إرادة، وقد يدل مع ذلك على العناية والمحبة والإكرام. وقد جاء مضافًا إلى الله تعالى على الوجه الأول في سياق الإثبات كما في قوله ?: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب".
ويشبه هذا النوع قوله سبحانه: "ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون" [يونس14]، كما يوضح ذلك قوله تعالى: "فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" [التوبة105].
وجاء مضافًا إلى الله تعالى على الوجه الثاني في سياق النفي؛ كما في قوله تعالى: "ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم" [آل عمران77]، وفي السنة من هذا النوع كثير، ومن ذلك هذا الحديث، ويشبه هذا النوع قوله ?: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسامكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
والواجب في ذلك كله: إثباته لله تعالى على ما يليق به كسائر صفاته؛ كعلمه وسمعه وبصره وإرادته وحياته، وكل صفاته؛ فهو تعالى ينظر إلى ما شاء ومن شاء كيف شاء.
وما ذكره الحافظ أو نقله عن الشراح في معنى النظر من الله كله من التأويل الباطل الذي حقيقته صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة، والحامل لهم على ذلك أن من مذهبهم نفي حقيقة العينين عن الله تعالى، ونفي الأفعال الاختيارية التابعة لمشيئته سبحانه وتعالى ومنها النظر.
ومما تقدم يتبين أن معنى ?: "لا ينظر الله" أي نظر محبة وإكرام. وقريب من هذا ما جعله الحافظ احتمالا، وهو أقرب إلى الصواب؛ حيث قال: "ويحتمل أن يكون المراد لا ينظر الله إليه نظر رحمة"، والله أعلم.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[11 - 02 - 06, 11:14 م]ـ
61 – قال الحافظ (10/ 330) على حديث رقم 5879 "وفيه استعمال آثار الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك والتيمن بها".
تقدم في مواضع التنبيه على أن مثل هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم. التعليق رقم (18) و (35) و (57)
62 – قال الحافظ (10/ 394) على حديث رقم 5963 " واستدل به على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، للحوق الوعيد بمن تشبه بالخالق ... ". واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق. والجواب ما تقدم، وأيضا فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة، والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم والله أعلم ".
¥