وانظر التعليق (16)
69 – (11/ 101) على حديث رقم 6307
قال الحافظ: "وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معصوم، والاستغفار يستدعي وقوع معصية.
وأجيب بعدة أجوبة: منها ما تقدم في تفسير الغين، ومنها قول ابن الجوزي: هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد، والأنبياء وإن عصموا من الكبائر، فلم يعصموا من الصغائر، كذا قال، وهو مفرع على خلاف المختار، والراجح عصمتهم من الصغائر أيضا .... ".
قال الشيخ البراك: قوله: "والراجح عصمتهم من الصغائر أيضاً": في هذا الترجيح نظر، بل الراجح جواز بل وقوع الصغائر منهم، والسهو والنسيان من باب أولى؛ فهذا آدم عليه السلام نسي وعصى، فقال تعالى: "ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما" [طه115]، وقال تعالى: "وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى" [طه121]، وهذا نوح عليه السلام سأله ربه ما ليس له أن يسأله كما قال تعالى: "فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال ربي إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين" [هود46،47]، وهذا موسى عليه السلام قتل نفسًا لم يؤمر بقتلها فندم وقال: "رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم" [القصص16].
وإن كان هذا قبل الإرسال فهو وارد على القائلين بالعصمة مطلقًا، وقد عاتب الله عز وجل نبيه في مواضع من القرآن فقال: "عفا الله عنك لم أذنت لهم" [التوبة43]، وقال: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض" [الأنفال67]، وقال: "عبس وتولى" [عبس1].
والمقطوع به أنهم صلوات الله وسلامه عليهم معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى، ومن الإقرار على شيء من الذنوب أو الخطأ، ومعصومون من الذنوب التي تنفر عن دعوتهم. والمقتضي للاستغفار أعم من أن يكون ذنبًا، بل قد يكون تقصيرًا عما يطلب من الكمال، وقد يكون شعورًا بالتقصير وإن لم يكن، وهذا من الكمال، وبهذا يتحقق لهم كمال العبودية في سائر مقامات الدين والله أعلم.
70 – (11/ 106) قال الحافظ: " .. وإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه".
على حديث رقم 6308
قال الشيخ البراك: قوله: "وإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه ... " إلى آخر ما ذكره وأورده من النقول في تأويل الفرح: كل ما ذكره الحافظ ونقله في هذا الموضع جار على مذهب النفاة، وأهل التأويل منهم، وفي هذا كله صرف للفظ (الفرح) عن ظاهره؛ فمن المعلوم أن الفرح غير الرضا، والرضا غير المحبة، وكلها غير الإرادة؛ فإن الفرح ضده الحزن، والرضا ضده السخط، والمحبة ضدها البغض، وكل هذه الصفات التي وردت في النصوص إضافتها إلى الله تعالى تنفيها الأشاعرة، وأهل التأويل منهم يفسرونها بالإرادة.
وأهل السنة والجماعة لا يفرقون بين الصفات الواردة في الكتاب والسنة، بل يثبتونها لله عز وجل على ما يليق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل، ويردون على الأشاعرة بأن حكم الصفات واحد، والتفريق بينها تفريق بين المتماثلات، ولهذا يلزمهم فيما أثبتوه نظير ما فروا منه فيما نفوه.
* وقول ابن العربي: "كل صفة تقتضي التغير لا يجوز أن يوصف الله بحقيقتها"
تقدم التعليق عليه، وبيان ما يحتمله لفظ التغير. انظر: التعليق (55).
71 – (11/ 106) قال الحافظ: "وقال ابن أبي جمرة: كنى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه بالفرح؛ لأن عادة الملك إذا فرح بفعل أحد أن يبالغ في الإحسان إليه .... ".
على حديث رقم 6308
انظر التعليق (70).
72 – (11/ 106) قال الحافظ: "وهذا القانون جار في جميع ما أطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به .... ". على حديث رقم 6308
تقدم التعليق على مثل ذلك؛ ينظر التعليق (70)
73 – (11/ 129) قال الحافظ: "وقال الكرماني: ... النزول محال على الله؛ لأن حقيقة الحركة من جهة العلو إلى السفل، وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه عن ذلك، فليتأول ذلك بأن المراد نزول ملك الرحمة ونحوه، أو يفوض مع اعتقاد التنزيه .... ".
على حديث رقم 6321
قال الشيخ البراك: "وقال الكرماني: ... النزول محال على الله .... ": هذا قول منكر، وردٌّ لخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم الخلق بربه، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم الخبر بنزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة؛ فقد نقل ذلك الجم الغفير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقى ذلك أهل السنة والجماعة بالقبول فأثبتوا أنه سبحانه ينزل حقيقة كيف شاء، كما قالوا: إنه استوى على العرش وإنه يجيء يوم القيامة كما أخبر عن نفسه سبحانه وتعالى، فقول أهل السنة في النزول كقولهم في سائر أفعاله وصفاته سبحانه؛ وهو إثباتها مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية.
وقول الكرماني: (النزول محال على الله) هو مذهب المعطلة من الجهمية ومن تبعهم من المعتزلة والأشاعرة، ومن مذهبهم نفي علوه سبحانه بذاته واستوائه على عرشه، ونفي قيام الأفعال الاختيارية به.
ومن لا يثبت العلو يمتنع عليه أن يثبت النزول، والحامل لهم على هذا الباطل هو توهم التشبيه وقياس الخالق على المخلوق. وهو سبحانه وتعالى لا يقاس بخلقه، وما يثبت له من الصفات هو على ما يليق به لا يماثل صفات المخلوقين؛ فنزوله ليس كنزول المخلوق، كما أن علمه وسمعه وبصره ليس كعلم المخلوق وسمعه وبصره. وتأويل النفاة لنزوله سبحانه بنزول ملك، أو نزول الرحمة هو من تحريف الكلم عن مواضعه؛ فهل يجوز أن يقول الملك: "من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه"، فلفظ الحديث نص بأن الذي ينزل هو الله نفسه، وهو الذي يقول ذلك، فالذين تأولوا النزول بنزول ملك قد جمعوا بين التحريف والتعطيل فضلوا عن سواء السبيل.
وانظر التعليق (39)
¥