قول عبد اللّه بن مسلمة القعنبي، شيخ البخاري ومسلم رحمهما اللّه تعالى: قال بنان بن أحمد: كنا عند القعنبي فسمع رجلاً من الجهمية يقول: " الرحمن على العرش استوى " استولى. فقال القعنبي: من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى، كما تقرّر في قلوب العامة فهو جهمي. قال البخاري محمد بن إسماعيل رحمه الله تعالى في كتاب خلق أفعال العباد عن يزيد بن هارون مثله سواء، وقد تقدم.
قول علي بن عاصم، شيخ الإمام أحمد رحمهما اللّه تعالى: صح عنه أنه قال: ما الذين قالوا: إن الله سبحانه ولداً أكفر من الذين قالوا: أن الله سبحانه لم يتكلّم. وقال: احذورا من المريسي وأصحابه فإن كلامهم الزندقة، وأنا كلمت أستاذهم، فلم يثبت أن في السماء إلهاً. حكاه عنه غيرُ واحد ممن صنف في السنّة.
وقال يحيى بن علي بن عاصم: كنت عند أبي، فاستأذن عليه المريسي، فقلت له: يا أبت مثل هذا يدخل عليك؟ فقال: وما له؟ فقلت: إنه يقول: إن القرآن مخلوق، ويزعم أن الله معه في الأرض ... وكلاماً ذكرته، فما رأيته اشتد عليه مثل ما اشتد عليه قوله: إن القرآن مخلوق، وقوله: إن اللّه معه في الأرض. ذكر هذين الأثرين عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية.
قول وهب بن جرير رحمه اللّه تعالى: صح عنه أنه قال: إياكم ورأي جهم، فإنهم يحاولون أن ليس في السماء شيء، وما هو إلا من وحي إبليس، وما هو إلا الكفر. حكاه محمد بن عثمان الحافظ في رسالته في السنّة. وقال البخاري رحمه اللّه تعالى في كتاب خلق الأفعال: وقال وهب بن جرير: الجهمية الزنادقة إنما يريدون أن ليس على العرش استوى ..
قول عاصم بن علي أحد شيوخ النبل، شيخ البخاري وغيره، أحد الأئمة الحفاظ الثقّات: حدث عن شعبة. وابن أبي ذئب. والليث رحمهم اللّه تعالى.
قال الخطيب: وجه المعتصم من يحزر مجلسه في جامع الرصافة، وكان جلس على سطح الرحبة، ويجلس الناس في الرحبة وما يليها، فعظم الجمع مرة جداً، حتى قال أربع عشرة مرة: حدثنا الليث بن سعد، والناس لا يسمعون لكثرتهم، فحزر المجلس فكان عشرين ومائة ألف رجل. قال يحيى بن معين فيه: هو سيد المسلمين. قال عاصم: ناظرت جهمياً فتبين من كلامه أنه اعتقد أن ليس في السماء رب.
قال شيخ الإسلام: كان الجهمية يدورون على ذلك، ولم يكونوا يصرحون به لوفور السلف والأئمة، وكثرة أهل السنة، فلما بُعد العهد وانقرض الأئمة صرّح أتباعهم بما كان أولئك يشيرون إليه ويدورون حوله. قال: وهكذا ظهرت البدع كلما، طال الأمر، وبعد العهد اشتد أمرها وتغلظت. قال: وأول بدعة ظهرت في الإسلام بدعة القدر والإرجاء، ثم بدعة التشيع إلى أن انتهى الأمر إلى الاتحاد والحلول وأمثالهما.
قول الإمام عبد العزيز بن يحيى الكناني صاحب الشافعي رحمهما اللّه: له كتاب في الرد على الجهمية قال فيه: باب قول الجهمي في قوله: " الرحمن على العرش استوى ". زعمت الجهمية أن معنى استوى: استولى. من قول العرب: استوى فاطن على مصر يريدون استولى عليها.
قال: فيقال له: هل يكون خلق من خلق اللّه أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال: لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: أن العرش أتت عليه مدة ليس اللّه بمستول عليه، وذلك لأنه أخبر أنه سبحانه خلق العرش قبل السموات والأرض، ثم استوى عليه بعد خلقهن، فيلزمك أن تقول: المدة التي كان العرش قبل خلق السموات، والأرض ليس اللّه تعالى بمستول عليه فيها، ثم ذكر كلاماً طويلاً في تقرير العلو والاحتجاج عليه.
ذكر قول جرير بن عبد الحميد شيخ إسحاق بن راهويه وغيره من الأئمة رحمهم اللّه تعالى: قال: كلام الجهمية أول عسل وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا: ليس في السماء إله. رواه ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية.
¥