تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومثل أبي محمد بن حزم ومثل أبي الفرج ابن الجوزي إجماع المسلمين على أن الأفلاك مستديرة، وأبو / الحسين من أعظم الناس اطلاعا وكذلك هؤلاء، وإذا ذكر هو أو غيره إجماع علماء المسلمين على أن الأفلاك مستديرة كان من نازع بعد هذا الإجماع من متكلم ومتفقه وغيرهما مسبوقا بالإجماع، وما علمت منازعا في ذلك إلا نقل الإجماع الذي ذكره أبو الحسين بن المنادي، وإن كان قد نقل عن بعض السلف نزاع في حركة الأفلاك لكن ما علمت عنهم نزاعا في استدارتها.

27

لكنه لم يستوف الحجة ويظهرها بل كلامه في ذلك كلام الشادي فإن القدر المرئي من الخسوف عند أهل المشرق لا يجب أن يكون هو القدر المرئي من الخسوف عند أهل المغرب حتى يقال إن أهل المشرق والمغرب يرون الخسوف في ساعة واحدة، ويكون أول ليل هؤلاء آخر ليل هؤلاء، بل قد يخسف القمر عند قوم دون قوم، وقد يكون الخسوف عند قوم كليا لجميع القمر وعند بعضهم جزئيا يخسف بعضه، ولكن يشترك أهل المشرق والمغرب إذا اشتركوا فيه في طرفيه؛ فإن الخسوف في القمر يبدأ فيه من جانبه الشرقي وفي الشمس من جانبها الغربي، وإذا بدأ الخسوف في القمر من جانبه الشرقي لا يخسف / حينئذ عند أهل المغرب، وكذلك طلوع الشمس وكسوفها وقد يكون ضد ذلك.

29

كان الواجب إذا احتججت بما ذكرته من أمر الهيئة أن تتم ما يقولونه هم وما يعلمه الناس كلهم فإنه لا نزاع بينهم ولا بين أحد من بني / آدم أن الأرض هي تحت السماء حيث كانت وأن السماء فوق الأرض حيث كانت، وهذا وهم متفقون مع جملة الناس على أن الجهة الشرقية سماؤها وأرضها ليست تحت الغربية ولا الجهة الغربية سماؤها وأرضها تحت الشرقية ومتفقون على جهل ما يجعل إحدى الجهتين في نفسها فوق الأخرى أو تحتها.

41

[تكلم بكلام نفيس عن التفسير اللغوي للفظ (دون)]

45

مثل هذه الحجة غير مقبولة كما ذكرت ذلك في نهايتك في ترتيب الطرق الضعيفة في أصول الدين، وذكرت منها الإلزام؛ وهو الاستدلال بموافقة الخصم في صورة على وجوب موافقته على الأخرى لملازمة بينهما يذكرها / المستدل، وقلت: هذا النوع من الحجة لا يصلح لإفادة اليقين وهذا ظاهر ولا لإفحام الخصم أيضا وبيانه هو أن للخصم أن يقول إني إنما اعترفت بالحكم في محل الوفاق لعلة غير موجودة في محل النزاع فإن صحت تلك العلة بطل القياس لظهور الفارق، وإن بطلت تلك العلة منعت الحكم في محل الوفاق فهذه الحجة دائرة بين منع الحكم في الأصل وبين ظهور الفارق بينه وبين الفرع.

47

وهذا الكلام مع أنه في غاية الإنصاف في المناظرة ففيه / كمال تحقيق الحقائق على ما هي عليه وتبيين تطابق ما علم بالفطرة العقلية الضرورية وبالحساب العقلي الهندسي وما جاءت به الرسل وكمال ما بعث الله به الرسل من بيان أسمائه وصفاته، وهذا هو شأن الحق أن يتيقن ويتشابه ولا يختلف كما يختلف كلام هذا المؤسس وأمثاله الذي هو من عند غير الله فلذلك يكون فيه اختلاف كثير.

50

قال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} فمخالفو الرسل ومنهم مخالفو ما جاء به الكتاب والسنة لا يأتون بقياس يردون به بعض ما جاءت به الرسل فيكون / قياسا أقاموا به باطلا إلا جاء الله فيما بعث به الرسل بالحق وبقياس أحسن تفسيرا وكشفا وإيضاحا للحق كما أن الحجج الفطرية الضرورية التي تبين أن مذهب المؤسس يستلزم أن يكون الله معدوما هي مع أنها حق فهي أحسن بيانا وإيضاحا وتفسيرا للمطلوب من قياسه هذا الذي بين به أن وصفه بالعلو والفوقية يستلزم وصفه بالسفول والتحتية.

54

[ذكر هنا كلاما نفيسا عن جواب الإشكال في حديث النزول وأنه يستلزم أن لا يزال نازلا]

73

وعلم بالاضطرار أن اعتقاد حدوث العالم على هذا الدليل ونحوه في غاية الفساد وهذا من أخبث الكلام الذي كان السلف يذمونه ويذمون أصحابه، بل مثل هذه الحجج لا تصلح للمسائل الظنية فكيف تصلح لأصول الدين وقواعد الإيمان وأنت تعترف بهذا في مواضع، لكن إنما تحتج هنا بذلك تهويلا على من لا يعرف القضية، وتوهم الناس أن هذا يقدح في قاعدة من قواعد الدين، وليس الأمر كذلك، وإنما تظهر به فساد ما سمعته [لعلها سميته] أنت وأصحابك أدلة الدين وأصولا له، وأنت دائما تقدح فيها، فإن كانت هذه الأدلة هي أصول دين المسلمين فأنت من أعظم الناس هدما لها في مواضع، وإلا فلا يضر القدح فيها.

75

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير