تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأبصار والعقول وكان لا يذكر رسول الله قط إلا ويصلي ويسلم عليه ولا والله ما رأيت أحدا اشد تعظيما لرسول الله ولا احرص على أتباعه ونصر ما جاء به منه حتى إذا كان ورد شيئا من حديثه في مسألة ويرى انه لم ينسخه شيء غيره من حديثه يعمل به ويقضي ويفتي بمقتضاه ولا يلتفت إلى قول غيره من المخلوقين كائنا من كان وقال رضي الله عنه كل قائل إنما يحتج لقوله لا به ألا الله ورسوله

وكان إذا فرغ من درسه يفتح عينيه ويقبل على الناس بوجه طلق بشيش وخلق دمث كأنه قد لقيهم حينئذ وربما اعتذر إلى بعضهم من التقصير في المقال مع ذلك الحال ولقد كان درسه الذي يورده حينئذ قدر عدة كراريس وهذا الذي ذكرته من أحوال درسه أمر مشهور يوافقني عليه كل حاضر بها وهم بحمد الله خلق كثير لم يحصر عددهم علماء ورؤساء وفضلاء من القراء والمحدثين والفقهاء والأدباء وغيرهم من عوام المسلمين.

الفهرس


الفصل الثالث في ذكر معرفته بأنواع أجناس المذكور والمقول والمنقول والمتصور والمفهوم والمعقول

أما معرفته بصحيح المنقول وسقيمه فإنه في ذلك من الجبال التي لا ترتقي ذروتها ولا ينال سنامها قل أن ذكر له قول إلا وقد أحاط علمه بمبتكره وذاكره وناقله واثره أو راو إلا وقد عرف حاله من جرح وتعديل بإجمال وتفصيل

حكى من يوثق بنقله انه كان يوما بمجلس ومحدث يقرأ عليه بعض الكتب الحديثية وكان سريع القراءة فعارضه الشيخ في اسم رجل في سند الحديث قد ذكره القاريء بسرعة فذكر الشيخ أن اسمه فلان بخلاف ما قرأ فاعتبروه فوجدوه كما قال الشيخ فانظر إلى هذا الإدراك السريع والتنبيه الدقيق العجيب ولا يقدر على مثله إلا من اشتدت معرفته وقوي ضبطه.

وأما ما وهبه الله تعالى ومنحه به من استنباط المعاني من الألفاظ النبوية والأخبار المروية وإبراز الدلائل منها على المسائل وتبين مفهوم اللفظ ومنطوقه وإيضاح المخصص للعام والمقيد للمطلق.

والناسخ للمنسوخ وتبيين ضوابطها ولوازمها وملزوماتها وما يترتب عليها وما يحتاج فيه إليها، حتى كان إذا ذكر آية أو حديثا وبين معانيه وما أريد به اعجب العالم الفطن من حسن استنباطه ويدهشه ما سمعه أو وقف عليه منه

ولقد سئل يوما عن الحديث لعن الله المحلل والمحلل له فلم يزل يورد فيه وعليه حتى بلغ كلامه فيه مجلدا كبيرا.

وقل إن كان يذكر له حديث أو حكم فيشاء أن يتكلم عليه يومه اجمع إلا فعل أو يقرأ بحضرته آية من كتاب الله تعالى ويشرع في تفسيرها إلا وقطع المجلس كله فيها.

وأما ما خصه الله تعالى به من معارضة أهل البدع في بدعتهم أهل الأهواء في أهوائهم وما ألفه في ذلك من دحض أقوالهم وتزييف أمثالهم وإشكالهم وإظهار عوارهم وانتحالهم وتبديد شملهم وقطع أوصالهم وأجوبته عن شبههم الشيطانية ومعارضتهم النفسانية للشريعة الحنيفية المحمدية بما منحه الله تعالى به من البصائر الرحمانية والدلائل النقلية والتوضيحات العقلية حتى ينكشف قناع الحق وبان بما جمعه في ذلك ألفه الكذب من الصدق حتى لو أن أصحابها أحياء ووفقوا لغير الشقاء لأذعنوا له بالتصديق ودخلوا في الدين العتيق.

ولقد وجب على كل من وقف عليها وفهم ما لديها أن يحمد الله تعالى على حسن توفيقه هذا الإمام لنصر الحق بالبراهين الواضحة العظام.

حدثني غير واحد من العلماء الفضلاء النبلاء الممعنين بالخوض في أقاويل المتكلمين لإصابة الثواب وتمييز القشر من اللباب أن كلا منهم لم يزل حائرا في تجاذب أقوال الأصوليين ومعقولاتهم وانه لم يستقر في قلبه منها قول ولم يبن له من مضمونها حق بل رآها كلها موقعة في الحيرة والتضليل وجلها ممعن بتكلف الأدلة والتعليل وانه كان خائفا على نفسه من الوقوع بسببها في التشكيك والتعطيل حتى من الله تعالى عليه بمطالعته مؤلفات هذا الإمام احمد ابن تيمية شيخ الإسلام وما أورده من النقليات والعقليات في هذا النظام فما هو إلا أن وقف عليها وفهمها فرآها موافقة للعقل السليم وعلمها حتى انجلى ما كان قد غشيه من أقوال المتكلمين من الظلام وزال عنه ما خاف أن يقع فيه من الشك وظفر بالمرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير