طبعا لا بد أن تقيد هذه المسألة بالقدرة، يعني إنسان مثلا كان قادرا على الاستمرار لكنه تراجع من غير عذر، أما إذا كان تراجع بالعذر مثلا إما لمرض أو انشغال بواجب آخر آكد مثلا، كمراعاة لوالديه مثلا المريضين أو كذا فهذا يعني الحال، فهذا قد يكون له عذر لكن إذا تراجع من غير عذر فيخشى -لاحظوا معي- فيخشى أن يدخل في هذه الدائرة يعني في دائرة من رجع عن فرض الكفاية.
المؤلف -رحمه الله- يقول: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
بقي معنا الإشارة مسألة الصحة والثواب، هل هناك تلازم بينهما، هل من لازم أن يكون العمل الصحيح أن يثاب عليه؟ لا، ما يلزم لكن قد يكون -إذا كان صحيحا- مجزئا ولا يلزمه القضاء، لكن الثواب فرع عن ماذا؟
يقول العلماء: إن الثواب فرع عن القبول فإذا قبل الله من الإنسان العبادة أثيب عليها، وإذا لم يقبلها لا يثاب عليها مع أنه لا يؤمر بالإعادة وتكون صلاته صحيحة ومجزئة وبرئت ذمته لكن لا ثواب فيها.
نعم يا شيخ.
استحقاق تارك الواجب للعقاب
ويكفي في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره، ويجوز أن يريد ويترتب العقاب على تركه، كما عبر به غيره فلا ينافي العفو.
هذه على مسألة يعني ويعاقب تاركه قال: ويترتب العقاب فيكون خروجا من الاعتراض اللي ذكرناه، مسألة أنه يعني قد يعفى عن تارك الواجب، وبعضهم يقول: ويستحق تاركه العقاب. نعم.
تعريف المندوب
والمندوب من حيث وصفه بالندب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.
نعم الندب في اللغة يعني الدعاء -هذا من حيث اللغة- الدعاء لأمر مهم، ومنه قول الشاعر:
فلا يسألون أخاهم حين يندبهم فى النائبات على ما قال برهانا
والمندوب عرفه المؤلف، قال: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه، يعني هو أقل درجة من الواجب، الواجب في تركه عقوبة وهذا ليس في تركه عقوبة، ولو أردنا أن نعرف المندوب بما عرفنا به الواجب لما قلنا: ما طلبه الشارع طلبا جازما، ماذا نقول هنا؟ نعم يا شيخ - نعم نقول: ما طلبه الشارع طلبا غير جازم. لو أردنا أن نعرف الندب ماذا نقول؟ هو طلب الشارع الشيء طلبا غير جازم نعم.
المندوبات كثيرة: قراءة القرآن والسنن الرواتب وركعتي الفجر والوتر وصلاة التراويح ومطلق الصدقة والإتيان بالحج والعمرة يعني بعد الفريضة وغيرها مندوبات كثيرة جدا.
لكن بقي معنا الإشارة أيها الأخوة: هل يترك المندوب إذا أصبح شعارا للمبتدعة مثلا أو لا يترك؟ نفرض أن فرقة من فرقة المبتدعة صارت تلازم صيام عاشوراء، هل نتركه لذلك؟ بعض العلماء بعض الشافعية قال بذلك، لكن الصحيح أنه لا يترك، الصحيح أنه حتى لو أصبح ما دام المندوب يعني ثبت أنه مندوب بسبب صحيح أو بدليل صحيح فهذا كافٍ في مشروعيته، ولا يترك حتى ولو أصبح شعارا لبعض المبتدعة.
أيضا هل يترك المندوب خوفا من أن تعتقد العامة وجوبه؟ لا، أيضا ما يترك المندوب يعني بعض العلماء يقول مثلا: أنا أترك المندوب مثلا -وهذا نقل عن بعض أهل العلم- حتى لا تعتقد العامة وجوبه، لا قد يكون هذا في وقته ??? ???? ???? ???? نعم: أخشى أن تفرض عليكم كمن ترك صلاة التراويح لكن بعد استقرار الأحكام لا، الصحيح أنه ما يترك المندوب حتى لو خُشي أن العامة تعتقد وجوبه.
أيضا قال العلماء: يتأكد المندوب على من يُقتدى به، يكون في حقه آكد إذا كان قدوة للناس، ولهذا أيها الأخوة نقل عن الإمام مالك -رحمه الله- أنه كان يقول: لا أحب المرة من العالِم، شو المقصود بالمرة؟ نعم يا شيخ يقول: لا أحب المرة من العالِم المقصود بالمرة اللي هو غسل الأعضاء في الوضوء مرة واحدة، وهي صحيحة بالإجماع يعني مجزئة، إذا أسبغ مجزئة، والصواب التثليث فيقول الإمام مالك: لا أحبها من العالِم. لماذا؟ قال: لأن العامة تقتدي به فتترك التثليث اقتداء بهذا العالم وقد يأتي إنسان عامي لا يحسن الوضوء فيرى هذا غسل مرة مرة، والعالم يحسن الإسباغ وهو لا يحسن الإسباغ فيتوضأ مثله وهو لا يحسن الإسباغ فقد يؤدي هذا إلى بطلان وضوء هذا العامي؛ ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله: لا أحب المرة من العالم.
¥