لكن وعلى سبيل المثال مثلا مفهوم المخالفة حجة أو ليس بحجة؟ مفهوم المخالفة حجة على قول الجمهور، الشروط المعروفة في المخالفة لكن هل هو حجة في كلام الآدميين؟ لا ما يلزم، ولهذا يقولون: لازم المنهج ليس بلازم. فهو على كلام المكلفين ليس بحجة مفهوم المخالفة لكنه في الآيات والأحاديث هو حجة مفهوم المخالفة، لكن تطبيقه على كلام المكلفين لا.
وكذلك مثلا مسألة العام والخاص وغيرها على كلام المكلفين تطبيق قواعد العام والخاص ما يتأتى وما يستقيم؛ لأن هذه القواعد قواعد الأصول وضعت للحكم أو موضوعها أو مجالها هو الدليل الشرعي، فكلام المكلفين ليس هو من قبيل الدليل الشرعي، فاستخدام علم الأصول في كلام المكلفين يشبه استخدام مثلا علم الطب في علاج الأشجار من باب التمثيل من باب التوضيح فقط. نعم يا شيخ.
أبواب أصول الفقه
وأبواب أصول الفقه أقسام الكلام والأمر والنهي والعام والخاص، ويذكر فيه المطلق والمقيد والمجمل، والمبين والظاهر، وفي بعض النسخ والمؤول وسيأتي، والأفعال والناسخ والمنسوخ، والإجماع والأخبار والقياس، والحظر والإباحة، وترتيب الأدلة، وصفة المفتي والمستفتي، وأحكام المجتهدين.
هذه ذكرها المؤلف مجملة وستأتي إن شاء الله تباعا.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
تكلم المؤلف -رحمه الله- في اللقاء السابق عن تعريف الفقه وتعريف أصول الفقه والأحكام التكليفية التي تتناول أفعال المكلف، وبقي الكلام على مدخل من مداخل اللغة يذكره أهل الأصول عادة وهو أقسام الكلام وما يتعلق بها وتقسيمه إلى حقيقة شرعية وحقيقة عرفية ومجاز وغير ذلك مما يذكره أهل الأصول عادة. نعم يا شيخ.
أقسام الكلام
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
قال المحلي -رحمه الله- تعالى: فأما أقسام الكلام فأقل ما يتركب منه الكلام اثنان نحو: زيد قائم. أو اسم وفعل نحو: قام زيد. أو فعل وحرف نحو: ما قام. أثبته بعضهم ولم يعدَّ الضمير في قام الراجع إلى زيد مثلا؛ لعدم ظهوره والجمهور على عدِّه كلمة أو اسم وحرف وذلك في النداء نحو: يا زيد. وإن كان المعنى أدعو أو أنادي زيدا.
مؤلفات الأصول أو أهل الأصول يذكرون دائما شيئا مما يتعلق بعلم اللغة وهم يأخذون من علم اللغة ما يساعد على فهم النصوص فهما صحيحا فما يتعلق بالكلام وغيره يذكرونه عادة؛ لأنه يساعد على فهم النصوص واستنباط الأحكام منها استنباطا صحيحا.
وأهمية معرفة اللغة وإدراكها مهم جدا لطالب العلم؛ لأن القرآن نزل باللغة العربية الفصحى والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نطق باللغة العربية الفصحى، ففهم الآيات والأحاديث فهما صحيحا لا يتم إلا إذا كان طالب العلم مدركا لعلم اللغة، وكان العلماء السابقون -رحمهم الله- يهتمون بعلم اللغة كثيرا؛ لأنه يساعدهم على ما ذكرنا.
يقول أبو عمرو الجرمي أحد شراح سيبويه، وهو عالم جليل متمكن من علم اللغة يقول: أنا أفتي الناس منذ ثلاثين سنة من كتاب سيبويه، كتاب سيبويه ما الذي فيه؟ ليس فيه إلا قام زيد وجلس عمرو، لكن أبي عمرو الجرمي يقول: أنا أفتي الناس منذ ثلاثين سنة. فتوجيه هذا الكلام يقول: إن أبا عمرو الجرمي كان حافظا لكتاب الله، وملما بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم- فيفهم الآيات والأحاديث فهما صحيحا على ما أدركه من قواعد اللغة.
وهناك بعض المسائل التي أوردها العلماء تدل على أهمية علم اللغة مثل ما قيل في مسألة المصغَّر لا يصغَّر أن الكسائي -وتروى أيضا عن الفراء- أنه أن محمد بن حسن الشيباني تلميذ أبي حنيفة -رحمه الله- سأل الأخفش فقال له: ما ترى في رجل سهى في سجود السهو؟
¥