تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 03:22 ص]ـ

وهاجم البدو في شرقي الأردن العمال الذين كانوا يعملون في مد الخط، بالإضافة إلى خطوط السلك البرقي (62)، وكان الهدف من مثل هذه الاعتداءات وقف العمل بالمشروع، لإدراك هؤلاء البدو حجم الخسارة الناتجة عن مد الخط، وبالتالي توقفهم عن نقل الحجاج، وما يتبع ذلك من توقف الدولة عن دفع الهبات السنوية لشيوخ القبائل البدوية (63)؛ لذلك أرسلت الحكومة العثمانية الإمدادات العسكرية إلى الحامية العسكرية العثمانية قرب معان في بداية عام 1907م (1325هـ)، لحمايتها من الهجمات التي كان يقوم بها بنو صخر (64).

واستمرت اعتداءات البدو ضد الخط الحديدي ومنشآته بغية إحباط المشروع، إلى ما بعد إنجازه وتشغيل الخط، حيث بلغت تلك الاعتداءات في عام 1908م (1326هـ) وحده (128) اعتداءً، كان يرافق هذه الاعتداءات قطع أسلاك البرق، ونزع القضبان، وإتلاف مباني المحطات، ونهب المسافرين؛ لأن الخط من وجهة نظرهم ذلك الشيء "الفرنجي النجس"، الذي يهدد مصالحهم التقليدية في نقل الحجاج (65). كما أطلق البدو على القطار اسم جحشة السلطان (66). لم تقتصر اعتداءات القبائل البدوية على الخط الحديدي ومعداته، بل تعدت ذلك إلى مهاجمة القوات التي كانت تقوم بحراسة مرافق الخط؛ ففي عام 1908م (1326هـ)، شنّ بعض البدو من عوف إحدى فروع قبيلة حرب، هجوماً ضد قوة كانت ترافق المشرف العام على الخط الحديدي الحجازي والي المدينة المنورة المشير كاظم باشا، قتل خلال هذا الهجوم (100) فرد، كما ردّ هؤلاء البدو كاظم باشا والقوة التي كانت ترافقه، البالغة (1500) فرد، من مكة إلى المدينة (67).

وفي شباط (فبراير) عام 1909م (المحرم 1327هـ)، هاجم البدو الخط الحديدي في المنطقة الواقعة ما بين المدورة وحالة عمار، حيث عطلوا الخط الحديدي وقطعوا الأسلاك البرقية، وبسبب هذا الهجوم رفضت الحكومة العثمانية دفع الأموال "الجعل" المعتادة لهم؛ فأرسلت الحكومة العثمانية فرقة عسكرية بقيادة رائد (قول أغاسي) ومعه عدد من الجنود، من معان إلى هؤلاء البدو لتأديبهم (68).

واستمر البدو في اعتداءاتهم ضد الخط الحديدي، حيث جاء في تلغراف من محطة العلا، أن البدو عادوا في شهر شباط (فبراير) عام 1909م (المحرم عام 1327هـ)، واعتدوا على الخط ثانية بين الجفيرة أو "الحفيرة" والمحيط؛ فقتلوا أحد الجنود العثمانيين هناك. وفي 20 شباط من العام نفسه (30 المحرم عام 1327هـ) هاجموا الخط، وأحرقوا أعمدة الأسلاك البرقية، وسلبوا مبعوث الدولة العثمانية يوسف شحادة، الذي أرسلته للتفاهم مع البدو وتقديم النصيحة لهم (69).

ولكن المأمور المكلف بمفاوضة البدو المدعو يوسف شحادة، استطاع التوصل إلى اتفاق مع هؤلاء البدو، للحفاظ على الخط الحديدي ومنشآته؛ فضمن له البدو المحافظة عليه، فأصبح في مأمن من هجماتهم (70). وأرضت الدولة زعماء القبائل البدوية، بإعطائهم بعض الأموال للتخلص من إزعاجاتهم المتكررة، فقد ذكر أمير قافلة الحج عبدالرحمن باشا اليوسف أنه عقد صلحاً مع عشيرتي عوف وولد علي، بعد نهبهما القافلة.

حيث قبل البدو بالصلح مع المسؤولين العثمانيين للحصول على مرتباتهم، "ومن أجل مصالحهم في الموسم الحالي (1327هـ/ 1909م) "، خاصة أعطياتهم من والي مكة بحري باشا، مقابل مساعدة الحجاج أثناء عودتهم من الحجاز إلى الشام (71).

وأوردت جريدة "المؤيد" القاهرية في شباط (فبراير) عام 1909م (المحرم 1327هـ) بأن بعض القبائل البدوية الشامية قد خربت الخط الحديدي بين تبوك ومعان، وقطعت الأسلاك البرقية؛ لذلك فقد صرف النظر عن إعادة الحجاج بالطريق الحديدي (72).

وزادت اعتداءات القبائل ضد الخط الحديدي في نهاية عام 1909م (1327هـ) بهدف تدميره حتى مدائن صالح، حيث نجحت بعض القبائل في تخريب ما يقارب من كيلومتر واحد من الخط الحديدي، بالإضافة إلى قلع القضبان والعوارض الخشبية (73)، حيث عطّل قسم من الخط، كما هجم بعض البدو على بعض الجنود الذين كانوا يحرسون الخط، ولكن تم طردهم عن طريق الخيالة المخصصة لمطاردة البدو (74). ولا يعرف انتماء البدو المعتدين، ولا منطقة الهجوم. واتخذت وزارة الحربية العثمانية بعض الإجراءات الفعالة "للضرب على أيدي أشقياء العربان" (75).

ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[06 - 09 - 09, 03:24 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير