تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونتيجة لظهور خطر القبائل البدوية على الخط الحديدي الحجازي، وتهديد القافلة، فقد اتخذت الدولة العثمانية إجراءات عدة لحماية الخط الحديدي، أبرزها:

أولاً: إنشاء فرق الهجانة لمراقبة الخط وحراسته.

ثانياً: تأليف لجنة في مجلس المبعوثان "النواب" العثماني مكونة من: عبدالحميد الزهراوي، وشفيق المؤيد، وسليمان البستاني، لتولي أمور حسابات الخط، ومعرفة مقدار ما ينفق على الخط وتصليحه عند تخريب بعض أجزائه.

ثالثاً: الاكتفاء بوصول الخط الحديدي إلى المدينة المنورة، والعدول عن الخط المراد إنشاؤه بين جدة ومكة، بالإضافة إلى تحسين حالة البلاد الاقتصادية (76).

رابعاً: تخصيص قوة عسكرية تجاوز عددها خمسة آلاف جندي نظامي لحراسة منشآت الخط الحديدي، حتى تم الانتهاء من تنفيذ المشروع بشكل كامل.

خامساً: بناء قلاع جديدة ملحقة بالمحطات وتزويدها بالجنود لحراسة الخط الحديدي وحماية منشآته من غارات البدو المتصلة.

سادساً: تخصيص مجموعة من الجنود المشاة لحراسة خطوط البرق، ابتداءً من معان إلى المدينة، ومن معان إلى العقبة، وإصلاح ما عطّل منها (77).

ونستطيع القول بأن القبائل البدوية كانت تعتمد بشكل أساسي على ما تجنيه من نقل الحجاج؛ فهذه القبائل تنتظر موسم الحج من العام إلى العام، ولكن مع تنفيذ الخط الحديدي الحجازي، فقد خسرت هذه القبائل مصدراً مالياً كبيراً، حيث قطعت أرزاقها، فلم تفكر الدولة العثمانية بأوضاع هذه القبائل بشكل جدي، بل تهاونت في حل مشاكلها، ولم تعمل على استقرارها، وتحضرها، والانتفاع من الزراعة مثلاً لتسهيل حياتها، إلا في أوقات متأخرة من عمر الدولة العثمانية؛ لذلك قاومت معظم القبائل البدوية الشامية والحجازية مشروع الخط الحديدي، بل حاولت الاعتداء على منشآت الخط مرات عدة، وهاجمت محطاته، وقطعت أسلاك البرق. ورغم ما تقدم، إلا أن بعض هذه القبائل البدوية، خاصة تلك التي كانت تقطن في منطقة شرقي الأردن، لم تقاوم تنفيذ المشروع، كالحويطات وبني صخر مثلاً؛ لأن شيوخها ظلوا يتلقون مستحقاتهم المالية من والي دمشق، حيث ذكر ألويس موسيل ( Alois Musil) بأن شيخ الحويطات عودة أبو تايه ومعه أربعون فارساً من وجهاء الحويطات، كانوا عائدين من معان في نهاية شهر أيار (مايو) عام 1910م (جمادى الأولى عام 1328هـ)، بعد أن طالبوا المسؤولين العثمانيين في معان، بدفع الأموال المخصصة لهم، مكافأة على حماية الحج (78).

أما الشيخ طلال فندي الفايز، فقد أدرك هو وزعماء القبائل الآخرون أن العثمانيين يريدون وقف معوناتهم المالية؛ إذ كان بنو صخر يتلقون (4.000) ليرة عثمانية لحماية الخط الحديدي وحراسته، لكنهم أقنعوا المسؤولين العثمانيين بالاستمرار في الدفع، وبالمقابل فإنهم سيسهلون إنشاء الخط، ويقومون بحمايته؛ لذلك فقد تم إعطاء بني صخر مسؤولية حماية الجزء الممتد من الجيزة إلى القطرانة شرقي الكرك. ورغم هذه الوعود إلا أن الحكومة العثمانية لم تدفع رواتب الشيخ طلال الفايز مثلاً، كما لم تدفع المعونات المالية بصورة منتظمة، مما أدى إلى مهاجمة الخط الحديدي الحجازي (79).

ولم تكن كل القبائل البدوية في منطقة شرقي الأردن تتلقى هذه الأموال؛ لذلك كان بعضها يهاجم الخط؛ ففي 6 كانون الأول (ديسمبر) عام 1910م (4 ذي الحجة عام 1328هـ)، هاجم (150) فارسا (لا يعرف لأية قبيلة ينتمون) محطة القطرانة، ونهبوها، وقتلوا مأمورها، وجرحوا بعض العاملين فيها، وعددهم أربعة، كما هاجموا المحطات الواقعة بين القطرانة وضبعة، وخربوا الخط الحديدي، وقطعوا الأسلاك البرقية فيها.

كما قطعوا أسلاك البرق في الكرك. هذا بالإضافة إلى اعتراض البعض للقطارات وإطلاق الرصاص عليها، الأمر الذي أدى إلى قطع المواصلات بين عمان ومعان في نهاية عام 1910م (1328هـ) (80). كما جاء في برقية مرسلة من قائمقام السلط إلى دمشق في 6 كانون الأول (ديسمبر) في العام نفسه (4 ذي الحجة عام 8231هـ)، أن قبيلتي بني حميدة والسليط، اشتركتا في الهجوم ضد مأموري تحرير النفوس والعسكر الموجودَيْن في ناحية مادبا. كما تمّ قتل بعض المأمورين والعسكر الموجودين في مركز لواء الكرك وملحقاته (81).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير