تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وراسل الشيخ الإبراهيمي في 9 جانفي 1955 الملك سعود بن عبد العزيز ملك السعودية الذي تحدى الجامعة العربية ودافع عن الجزائر في مجلس الأمم المتحدة، فحثه على مواصلة الدفاع وأرشده إلى بعض الخبراء بالواقع الجزائري ممن يستطيع أن يتكفل بالقضية الجزائرية باسم المملكة السعودية لدى الأمم المتحدة.

وقبل أن تتأسس جبهة التحرير الوطني في الخار ج تأسست جبهة تحرير الجزائر، وذلك في 7 نوفمبر 1954 وصدر ميثاقها في 17 فبراير 1955م ووقعه: الإبراهيمي والورتيلاني وأحمد بيوض وأحمد بن بلة وحسين آيت أحمد وأحمد مزغنة ومحمد خيضر والشاذلي المكي.

[دور رئاسة الجمعية في الداخل]

وفي الجزائر أيضا لم تتخلف الجمعية عن الركب فلم يزل أحمد توفيق المدني الكاتب العام لجمعية العلماء على اتصال دائم بعبان رمضان حتى جاءه الأمر بالالتحاق بالقاهرة، وكذلك العربي التبسي نائب الرئيس، فإنه كان قد شعر أن الوقت قد اقترب قبل الفتح من نوفمبر فقد شهد أحد المجاهدين أن الشيخ رحمه الله كتب إليه رسالة يفتيه فيها بمشروعية الجهاد ضد فرنسا، وذلك قبل أسابيع معدودة من الفاتح من نوفمبر 1954م. ولما اندلع الجهاد فعلا أمر الشيخ رحمه الله باقتطاع عشرة بالمائة من رواتب المعلمين في مدارس الجمعية لتوجه لصالح أسر المجاهدين والمعتقلين، كما أرسل إلى العقيد عميروش رحمه الله وأموالا وآلات الكتابة والطباعة والسحب.

وفي سنة 1955م وفق الشيخ للرحلة إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ومكث في المدينة النبوية مدة، فلقي هناك كثيرا من الشخصيات العلمية وغيرها، فعرفهم بحقيقة الجهاد في الجزائر، كما اغتنم الفرصة فزار في طريق رجوعه سوريا ولبنان ومصر ليساهم في الدعاية للجهاد المعلن في الجزائر، وكان من الزعماء الذين لقيهم بمصر الرئيس جمال عبد الناصر وصور اللقاء لا تزال محفوظة.

وقد كانت تحركات الشيخ غير خافية على المستعمر، كما أن تأييده للجهاد كان أمرا واضحا، سواء في دروسه أو مواقفه، وقد خاطب بذلك جريدة لومند الفرنسية، وقد تلقى في أول أفريل 1957م رسالة كتب فيها:" إلى الشيخ العربي التبسي نطلب منك أن تخرج من الجزائر حينا قبل أن يفوت الوقت". فنصحه غير واحد من إخوانه بالاختفاء أو الخروج من الجزائر، فرفض وأبى إلا أن يواصل عمله وإن أصابه ما أصابه في سبيل الله، وكان جوابه دائما:" إذا كنا سنخرج كلنا خوفا من الموت فمن يبقى مع الشعب؟ " وكان يقول:" لو كنت في صحتي وشبابي ما زدت يوما واحدا في المدينة، ولأسرعت إلى الجبل فأحمل السلاح وأقاتل مع المجاهدين". وقال:" إن خروجي اليوم والوطن في حرب يعد فرارا من الزحف، أنا لو كنت خارج الوطن ووقع هذا فيه لدخلت فورا"، فبقي يعمل ويناظل إلى أن تخطفته الأيادي الغادرة الأثيمة في الرابع أفريل من منزله بحي بلكور لتغتاله بعد ذلك بأبشع طريقة فرحمه الله رحمة واسعة، وهو إن شاء الله تعالى ممن صدق ما عاهد الله عليه وقضى نحبه وما بدل تبديلا. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا) (الأحزاب:23) وكم قدمت جمعية العلماء من معلمي مدارسها وخريجي مدارسها من شهداء ومجاهدين نسأل الله تعالى أن يرحمهم جميعا. وبعد كل هذا يأتي بعض الطرقيين والشيوعيين والعلمانيين الأقزام ليطعنوا في هؤلاء الرجال الأعلام، ويقولون إنهم لم يسهموا في الثورة ولا كانوا معها، وكثير من هؤلاء الطاعنين كان ولا زال خائنا لقومه ودينه، رمتني بدائها وانسلت، ألا بعدا لهم وتبا لهم سائر الدهر وعليهم لعائن الله تترا على قيام الساعة.

[ما أكثر الخونة في هذه البلاد]

أيها المسلمون الأحرار إننا كلما ذكرنا شهداء هذه البلاد الأبرار، ثم رأينا ما آلت إليه اليوم الأمة من محبة وتقليد الكفار، تمتلئ قلوبنا حزنا وتتقطع كمدا، هل حارب الآباء والأجداد فرنسا بعسكرها وعقيدتها ولغتها في الأمس ليرجعها الأبناء اليوم، أيها المسلمون إنه إن كان في زمن الجهاد بعض الخائنين أحبوا بقاء فرنسا وساندوها ضد المجاهدين، فكثير منا اليوم مثلهم في الخيانة أو أكثر، أقصد خيانة الدين والوطن وهؤلاء الشهداء الذين دفعوا أرواحهم ودماءهم الزكية من أجل إعلاء كلمة الإله الجبار وإذلال أعدائه الكفار، أليس في الناس اليوم من يحب فرنسا؟ ويهتف بحياة فرنسا ويمجد ويعظم فرنسا؟ ويلبس لباس فرنسا ويقلد الفرنسيين في عاداتهم وتقاليدهم؟ ويتكلم في بيته بلغة فرنسا؟ وأبناؤه يدرسون في مدارس فرنسا يتعلمون لغة فرنسا وتاريخ فرنسا؟ يا قوم إن لم يكن أخذ الجنسية الفرنسية خيانة فعلموني معنى الخيانة فأنا لا أعرفها؟ ومن الناس من يرفع العلم الفرنسي في سيارته وفي لباسه وفي الملاعب وينصر الأندية الفرنسية وفريق فرنسا ولا يستحيي من الله ولا من الناس، ولقد رأيت بأم عيني منظرا أبكاني رأيت بعض بقايا المعمرين جاءوا لزيارة مساكنهم أيام الاستدمار، فهل رجمهم أهل تلك المساكن؟ هل طردوهم وأهانوهم؟ لا بل خرجوا إليهم مرحبين وعلى وجهوهم ابتسامات الفرح والسرور وعلامات التهلل والحبور!! نسأل الله الهداية وحسن الخاتمة.

اللهم ارحم علماءنا وشهداءنا وتقبلهم أعمالهم وجهادهم، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، اللهم اغفر لنا تقصيرنا وانحرافنا وردنا إلى ديننا ردا جميلا اللهم اغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير