قال البغوي: وتأييد عيسى بجبريل عليه السلام، أنه أمر أن يسير معه حيث سار، حتى صعد به إلى السماء. ? أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ ? يا معشر اليهود، ? رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ ? عن الإيمان به، ? فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ ? مثل عيسى، ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ? وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ? مثل زكريا، ويحيى وغيرهما من الأنبياء عليهم السلام؟ وقد حاولوا قتل النبي محمد ?.
قوله عز وجل: ? وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ (88) ?.
يقول تعالى: ? وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ?، أي: في أكنة، فلا تعي ولا تفقه ما جئت به يا محمد. ? بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ ?، أي: طردهم وأبعدهم من كل خير، ? فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ?، قال قتادة: معناه لا يؤمن منهم إلا قليل. وقد قال تعالى: ? فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلاً ?.
http://dc189.4shared.com/img/305724215/3d02565d/014.png?sizeM=7
http://dc129.4shared.com/img/305732583/18e728c8/t080.png?sizeM=7
قوله عز وجل: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ (89) ?.
يقول: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ ? يعني: اليهود، ? كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ ? وهو: القرآن، ? مُصَدِّقٌ ? موافق، ? لِّمَا مَعَهُمْ ?، يعني: التوراة. ? وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ ?، أي: وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب، يستنصرون بمجيئه على أعدائهم.
قال محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن أشياخ منهم، قال: فينا والله وفيهم - يعني: في الأنصار وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم - نزلت هذه القصة، يعني: ? وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ?، قالوا: كنا قد علوناهم قهرًا دهرًا في الجاهلية، ونحن أهل شرك، وهم أهل كتاب، وهم يقولون: إن نبيًا سيبعث الآن نتبعه، قد ظل زمانه، فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه، كفروا به. يقول الله تعالى: ? فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ?.
قوله عز وجل: ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (90) ?.
قال مجاهد: ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ ?، يهود شروا الحق بالباطل، وكتمان ما جاء به محمد ? بأن يبينوه. وقال السدي: ? بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ ? يقول: باعوا أنفسهم. يقول: بئسما اعتاضوا لأنفسهم، فرضوا به، وعدلوا إليه، من الكفر بما أنزل الله على محمد ?، عن تصديقه ومؤازرته ونصرته، وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية، ? أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ? ولا حسد أعظم من هذا. وقال ابن عباس في قوله: ? فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ? فغضب الله عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم، وغضب الله عليهم بكفرهم بهذا النبي الذي بعث الله إليهم.
¥