من لطائف سورة الكوثر أنها جاءت مكونة من عشر كلمات، ونشير هنا إلى أن القرآن، قد أعجز المشركين أن يأتوا مثله، فلما عجزوا، طالبهم أن يأتوا بعشر سور منه أو من مثله وأن يستعينوا بالإنس والجن، فلم يستطيعوا، ثم أرخى لهم حب التحدى على غاربه حتى طالبهم أن يأتوا بسورة مثله وأن يدعوا من استطاعوا من شركائهم من دون الله فعجزوا.
ثم تأتى هذه السورة منظومة من عشر كلمات، وكأن الله قد ابدل هذه المعاجزة بسورة مكونة من عشر كلمات يعنى كل سورة من السور العشر استبدلها - فى التحدى - بكلمة واحدة من كلمات هذه السورة. مما يشير إلى ان السورة قد جاءت مكتملة العناصر والأركان ومكتملة بعناصر التحدى والإعجاز.
دلالة الرقم عشرة فى السورة مع نفس الرقم فى باقى القرآن
وإذا استعرضنا رقم عشرة فى القرآن فنجده يعبر عن الكمال أو التمام أو التزكية، وهو (لاحظ) مذكور فى تسعة مواضع جميعها تشير إلى المعانى التى ذكرناها من الكمال والتمام والتزكية وهذا تفصيلها:-
1 - الموضع الأول: فى سورة البقرة:
قال تعالى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) [البقرة: 196]
2 - الموضع الثانى: فى سورة البقرة أيضاً:
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [البقرة: 234]
فبالأيام العشر اكتملت عدة من مات عنها زوجها.
3 - الموضع الثالث: فى سورة المائدة:
قال تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) [المائدة: 89]
فلا تتم كفارة اليمين إلا بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.
4 - الموضع الرابع: فى سورة الأنعام:
قال تعالى: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160]
وهذا تمام الثواب من الله سبحانه.
5 - الموضع الخامس:فى سورة الأعراف:
قال تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف 142]
فلم يتم الميقات إلا بالليالى العشر.
6 - الموضع السادس: فى سورة هود:
قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (13)) [هود: 13]
7 - الموضع السابع: فى سورة القصص:
قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ) [القصص: 27]
8 - الموضع الثامن: فى سورة طه:
قال تعالى: (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103)) [طه: 102 - 103]
وهذا أقصى ما وسعهم أن يدركوه لفترة مكثهم فى الحياة الدنيا. عشرة على الأكثر.
9 - الموضع التاسع: فى سورة الفجر:
قال تعالى: (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)) [الفجر: 1 - 2]
فهذه المواضع جميعاً تشير إلى التمام أو الكمال أو التزكية والأفضلية عند ذكر الرقم عشرة.
(ولاحظ أيضا الآتى)
10 - الموضع العاشر: فى سورة سبأ:
وفى هذا الموضع نجد مقلوب الرقم عشرة (المعشار) وقد جاء وفيه دلالة على الذم.
قال تعالى: (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ) [سبأ: 45]
...
ولا يزال حديثنا موصولاً عن الرقم عشرة فى سورة الكوثر.
وسأتناول الآن ثلاث نقاط:
======
¥