كما يقال (ارْتَجَّ البحرُ): إذا اضْطرَبَتْ أَمواجُه واختلفت، ولهذا قال ابن منظور في "لسان العرب": "رَجَّةُ القوم: اختلاط أَصواتهم".
ماذا تقول فيما نقلت أنت من قول ابن منظور؟
هو ضد ما تطمح إليه!
ما معنى اختلاط الأصوات؟ هل افتراقها واختلافها؟ أم -على حد ما نقلت عن ابن منظور- اختلاطها أي امتزاجها بعضها مع بعض واتفاقها - إذ هو معنى الاختلاط على طريقة التوليد التي اتبعتها وأوردتك إلى هذا-؟؟
ثم وقفة أخرى مع نقلك من لسان العرب: (رجة القوم: اختلاط أصواتهم):
هل نحن نتحدث عن تفسير رجة منى (مكان) أم رجة أصوات الأشخاص؟
الذي ارتج أخي الحبيب هو منى، ولكن حضرتك نسبت الرجة إلى الأصوات وبنيت على ذلك-بعد تسليمك بأن الرجة الاختلاف- أن الأصوات كانت مختلفة وليست متفقة!!
أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل .... ما هكذا يا سعد تورد الإبل!
فالارتجاج بمعنى الاضطراب قد يحدث بكثرة اختلاف الأصوات. والله أعلم.
ثم رجعت هنا إلى لتلصق الخطأ الذي استنتجته في مكان نسبة الرجة إلى منى (المكان) فأيهما نعتمد؟!
أم الاثنين معًا هكذا وفقط؟!
- ومما يؤيد ما ذكرناه في معنى "الارتجاج"؛ أنه ثبت عن الصحابة والتابعين ألفاظ مختلفة في التكبير في العيد؛ بمعنى أنهم لم يكونوا على ذكر واحد؛ فثبت–كما في "صحيح مسلم"- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نفسه) أنه قال: "غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ؛ مِنَّا الْمُلَبِّي [وَمِنَّا الْمُهَلِّلُ] وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ [فَأَمَّا نَحْنُ فَنُكَبِّرُ] " زاد أنس رضي الله عنه في روايته: "وَلا يَعِيبُ أَحَدُنَا عَلَى صَاحِبِهِ".
أقول: فَأَنَّى لهم -مع هذه الاختلافات- أن يتفقوا على صوت واحد؟!.
أنت تتعجب من أي شيء؟! تعجبك هو ما يستحق العجب!
انظر أخي -وفقنا الله وإياك_
أولاً- الرواية الأولى عن عمر ليست متفقة مع الرواية الثانية في الزمن؛ فهذا حديث وهذا حديث آخر وهما مختلفان في الزمن، فالرواية الثانية ليست مفسرة للأولى، فليس في الأولى أي احتمال لاختلاف الناس في الذكر وإلا فاذكره!
ثانيًا - الرواية الأخيرة يبين فيها عمر رضي الله عنه أن المسلمين توزعوا في الذكر إلى ثلاثة أقسام: ملبٍ، ومهلل، ومكبر
وليس غير ذلك فليس هناك مسبح أو محوقل، فهل كان الناس جميعًا ثلاثة أفراد أم كانوا ألوفاً؟
لايستقيم لك استنتاجك واستشهادك إلا إذا كانوا ثلاثة فقط! وهو مخالف للواقع.
أما مع التسليم بكثرة الناس كثرة عظيمة فالمعقول أن الملبي جمع كثير والمكبر جمع كثير والمهلل أيضا جمع كثير، وكل جمع يستقيم معه الذكر اختاروه للترديد معا، فيتفق حديث عمر الأول مع حديثه الآخر على عكس ما أردت!
- أن الذكر (بهيئة الاجتماع) نزعة صوفية؛
يعني تحكم بالبدعية التي تستوجب الفسق والنار (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) لمجرد موافقة المبتدعين في أمر ما، فهل كل شيء يفعله الصوفية في نزعاتهم نتبرأ نحن منه؟
هل نبدِّع من يزهد لأن الصوفية يزهدون وهذه من نزعاتهم، وغير ذلك؟؟؟؟؟؟!
فلا يخفى -على طالب علم! - ما أنكره الصحابة على مجموعة الذاكرين في مسجد الكوفة؛ إذ كانوا يذكرون الله (بهيئة جماعية)، فصرح لهم ابن مسعود رضي الله عنه ببدعية عملهم - أخرجه "الدارمي" وصححه الألباني والحويني-؛
لن أعيد ما كتبه غيري وقد قرأتَه كما قلت ورددتَ عليه من عدم توجهإنكار ابن مسعود لا للذكر ولا للاجتماع لأن الذكر مشروع والاجتماع على الذكر مشروع بأحاديث كثيرة صحيحة صريحة، فلم يبق إلا إنكاره لحسابهم -بالحصى- لما يذكرونه، وأدلة ذلك:
1 - تكرار العلة من إنكاره مرتين: مرة لأبي موسى
أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم- ومرة للمنكَر عليهم قال فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء.
¥