قال القاضي أبو بكر ابن العربي: خرّج مسلم هذا الحديث بسنده ولفظه، وزاد فيه: Mدَخَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ عَامِرٍ يَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ: أَلا تَدْعُو لي يَا ابْنَ عُمَرَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقُولُ: لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ وَلا صَدَقَةٌ مِنْ غُلُولٍ وَكُنْتَ عَلَى البَصْرَةِ L( ).
ورواه الفِرْيَابِيُّ () فقال: Mدَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ الله بْنِ عَامِرٍ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ يَدْعُونَ لَهُ بِالعَافِيَةِ، فَقَالَ لي: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحمن، مَالَكَ لاَ تَدْعُو؟! فَقَالَ (): إِنَّني مِنْ أَوَدَّهِمْ لَكَ وَأَحْرَصِهِمْ عَلَى صَلاَحِكَ، وَلَكِني () سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: Mلايَقْبَلُ اللهُ صَلاَةً بِغَيرِ () طُهُورٍ، ولا صَدَقَةً من غُلُولٍ L. وكُنْتَ عَلَى البَصْرَةِ، وَلا أَرَاكَ إِلا قَدْ أَصَبْتَ مِنْهَا شَرًّا ().
غريبه:
القَبُولُ في أَلْسِنَةِ السَّلَفِ: الرِّضَى، قَبِلْتُ الشَّيْءَ: رضيتُه وأردتُه والتزمتُ العِوَضَ عَنْهُ، فَقَبُولُ الله للعمل هو رضاهُ به وثوابُه عليه.
الطَُّّهور: قرأتُهُ بفتح الطاء، وهو بضمها عبارة عن الفعل، وبفتحها عبارة عن الماء ()، وفَعول بفتح الفاء عبارة عن الآلات ()، كالسَّحور، والوَقود ()، والدَّلوك، وقد قيل إنهما بمعنى واحد.
الغُلُول: الخِيانَةُ في خِفْيَةٍ، فالصدقة من مال حرام في عدم القبول؛ واستحقاق العقاب، كالصلاة بغير طُهور في ذلك.
أحكامه:
فيه خمس مسائل:
الأولى: فيه اشتراط الطهارة في صحة الصلاة، وهي من شرائط الأداء لا من شرائط الوجوب بإجماع الأمة ().
وفي الصحيح عن هَمّام بن مُنَبِّه () عن أبي هريرة، وهي صحيفة صحيحة عالية مجموعة، قال النبي ?: Mلاتُقْبَلُ صَلاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتى يَتَوَضَّأَ L( ).
الثانية: قولُه: Mلايَقْبَلُ اللهُ صَلاةً بِغَيرِ طُهُورٍ L، عموم فيمن أحدث ومن لم يُحْدِث، فخص هذا الحديث الثاني () من ذلك العموم بوجوب الطهارة [على] () من أحدث بعد الوضوء، واستحبابه لمن صلى، بدليل بديع ليس من شرط العارضة.
الثالثة: العاجز عن استعمال الطهارة لمرض أو عدوٍّ أو سبع أو عدم قدرة حتى لايمكنه تطهير بماء أو تراب، مختلف فيه على ستة أقوال ():
الأول: قال مالك () وابن نافع (): لا صلاة ولا قضاء ().
الثاني: قال ابن القاسم (): يصلي ويقضي ().
الثالث: يصلي ولا يعيد، قاله أشهب () والشافعي () ().
الرابع: يصلي إذا قدر، قاله أَصْبَغُ ().
الخامس: لايصلي ولا يعيد قاله ... ().
السادس: يومئ إلى التيمم، أشار إليه أبو الحسن ابن القابِسِي () ().
الأظهر قول أشهب؛ لأن الطهارة شرط أداء لاشرط وجوب ()، فعدمه لا يمنع من فعلها كسائر شروطها؛ من سترٍ، وطهارةِ ثوبٍ، واستقبال قبلة.
الرابعة: إذا أسلم الكافر فلم يكن بعد إسلامه موجب للطهارة من جنابة ولا حدث، هل يغتسل أم لا ()؟ قال الشافعي والقاضي أبو إسحاق (): يغتسل استحبابا (). وقال مالك وابن القاسم وأحمد () وأبو ثَوْر (): الغسل واجب. وهو الصحيح ()، لقوله: Mلايَقْبَلُ اللهُ صَلاَةً بِغَيرِ طُهُورٍ L، وقد أجمعت الأمة على وجوب الوضوء، فالغسل مثله دليلا بدليل، واعتراضا باعتراض، وجوابا بجواب ().
الخامسة: في قول ابن عمر لعبد الله بن عامر - وقد سأله الدعاء -: Mلايَقْبَلُ اللهُ صَلاَةً بِغَيرِ طُهُورٍ L، يدل على أن الوضوء للدعاء مشروع.
وكذلك في الحديث الصحيح أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيّ () سَأَلَ النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَسْتَغْفِرَ لأبي عَامِرٍ الأَشْعَرِيّ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى النبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَخْبَرْتُهُ بخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبي عَامِرٍ وَقَوْلِهُ قُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لي، فَدَعَا بمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثم رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ (): اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدِك أَبي عَامِرٍ ()، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبِطَيْهِ L. وَقَدْ كَانَ النَّبي ? لايَرُدُّ السَّلامَ إِلاَّ عَلَى وُضُوءٍ (). رواه الصحيحـ[ـين] ().
قولُه: وَكُنْتَ عَلَى البَصْرَةِ L، يريد أنه أصاب شر () الولاية في التقصير عن النظر للمسلمين، أو الإساءة إليهم، ولا ينتفع بالدعاء من كان على هذه الصفة عنده، والصحيح أن العاصي ينتفع بالدعاء، ولذلك يُدْعَى للميت وإن كان عاصيا، ويشبه أن ابن عمر أَدَّبَهُ بترك الدعاء لَهُ حتى عرف تقصيره وليرتدع غيره به، أو ليبينن لَهُ أن اهتباله بعمله () أوكد عليه من التعويل على الدعاء.
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[28 - 08 - 06, 03:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا
و عندي تنبيه للأخ مسك و لا أعلم هل كلامه في الأعلى هو كلامه شخصيا ام منقول
لكني اقول أن كتاب الترمذي ليس اسمه صحيح الترمذي و إنما له اسمان هما سنن الترمذي و جامع الترمذي و الجامع أصح، قد يقول أحد كلا فلقد و رد اسمه الجامع الصحيح و هذه التسمية مغلوطة كما بينها العلماء و لم يذكرها سوى عالم واحد و قالوا انه وهم.
و كلامه في عده من الصحاح!! كمن يقول الصحاح الستة و ليست كذلك فهي الكتب الستة
و ليس هناك صحاح غير البخاري و مسلم، أما صحيح ابن حبان و ابن خزيمة فيطلق عليهما صحيح تجوزا ففيهما الصحيح و الحسن و الضعيف
و جزاكم الله خيرا
¥