تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأنه اشترك مع الإمام أحمد في الرواية عن جماعة من الشيوخ معاً، فإذن هو تلميذ وقرين، كذلك مسلم هو تلميذ أبي زرعة الرازي وقرينه في ذات الوقت.

فيقول سعيد بن عمرو البرزعي: "شهدت أبا زرعة الرازي ذكر كتاب الصحيح الذي ألفه مسلم بن الحجاج ثم أبو الصائر على مثاله" أبو الصائر ألف كتاباً ككتاب مسلم، "فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئاً يتسوقون به، ألفوا كتاباً لم يسبقوا إليه ليقيموا لأنفسهم رئاسة قبل وقتها، وأتاه ذات يومٍ وأنا شاهد، رجل بكتاب الصحيح من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث عن أسباط بن نصر، فقال: ما أبعد هذا من الصحيح، يدخل في كتابه أسباط بن نصر؟ ثم رأى في كتابه قطن بن نسير، فقال: وهذا أطمً من الأول، قطن بن نسير وصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس، ثم نظر فقال: يروي عن أحمد بن عيسى المصري في كتابه الصحيح، قال أبو زرعة: ما رأيتُ أهل مصر يشكون في أن أحمد بن عيسى، وأشار أبو زرعة إلى لسانه كأنه يعني الكذب، كأنه يقول ما كان أهل مصر يشكون أن أحمد بن عيسى يكذب، ثم قال لي يحدث عن أمثال هؤلاء ويترك محمد بن عجلان ونظراءه ويطرّق لأهل البدع علينا فيجدون السبيل بأن يقولوا للحديث إذا احتجّ به عليهم ليس هذا في كتاب الصحيح، ورأيته يذمّ من وضع هذا الكتاب ويؤنبه"

هذا كلام أبي زرعة الرازي، اعترض على ثلاثة رواة روى عنهم مسلم في صحيحه أولهم أسباط بن نصر، وهذا ليس من شيوخ مسلم بل من شيوخ شيوخه، ثم ذكر قطن بن نسير وأحمد بن عيسى بن حسان المصري، وكلاهما من شيوخ مسلم، وجرح أبو زرعة الرازي هؤلاء الثلاثة، وقال كيف يدخل هؤلاء الثلاثة في كتاب يزعم صاحبه أنه جمع الحديث الصحيح؟ هذه [هي] التهمة، فكيف أجاب مسلم عنها؟ أرجو من الإخوة أن يركزوا في السماع. هذا جملة ملا قاله أبو زرعة الرازي، فاسمع ما قاله مسلم بن الحجاج، لنعرف كيف صنف الإمام كتابه، وكيف كان يحتاط غاية الاحتياط في الرواية عن هؤلاء.

قال سعيد بن عمرو البرزعي: "فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية، ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه روايته في كتاب الصحيح عن أسباط بن نصر وقطن بن نسير وأحمد بن عيسى، فقال لي: (إن ما قلتَ صحيح) إذن هو أقرّ بأن هؤلاء الثلاثة من المجروحين أو ممن تكلم أهل العلم فيهم، إذن ما كان مسلم يجهل الكلام عن هؤلاء الثلاثة، بل كان يعلم أيضاً أنه تُكلّم فيهم، فقال: إن ما قلته صحيح. أي أن هؤلاء مجروحون ولا يدخل حديثهم في الصحيح. إذن ما الحامل لك وقد اعترفت أن تدخل رواية هؤلاء في كتابتك الصحيح الذي اشترطت فيه الصحة؟ قال: (وإنما أدخل من حديث أسباط، وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع ويكون عندي من رواية من هم أوثق منهم بنزول، فأقتصر على أولئك وأصل الحديث معروف من رواية الثقات).

يريد أن يقول: أنا ما خرّجتُ حديث هؤلاء إلا لأن هذا الحديث الذي رووه وقد رواه غيرهم من الثقات وقع لي عن هؤلاء الثلاثة بارتفاع، أي بعلو، أما الطريق الصحيح الذي رواه الثقات، فوقع إلي في نزول، ففضلتُ العلو، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات، فما معنى هذا الكلام؟ أشرف درجات العلو هو قلة الوسائط الصحيحة بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلما كان عدد الرواة أقل كان اسمه علو، وهذا أشرف أنواع العلو، العلو أقسام، هذا أشرفها وأرفعها، مالك عن نافع عن ابن عمر، بين مالك والنبي صلى الله عليه وسلم كم واحد؟ اثنان. الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، بين الشافعي وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة، مَن أعلى مِن مَن؟ مالك أعلى من الشافعي، لأن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنان فقط، بينما الشافعي بينه وبيت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة. فمسلم يقول: ربّ حديث رواه قطن بن نسير عن جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت عن أنس، إّذن بين مسلم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم كم راوٍ؟ أربعة، قطن- جعفر- سليمان- ثابت بن أسلم البناني- مالك. الراوي الذي تُكلم فيه مَن؟ قطن بن نسير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير