وهيب بن خالد، يزيد بن زريع. فهؤلاء رووا عنهما معا، فهؤلاء يضافون إلى الجماعة التي سماها الحافظ بن حجر، قال: حماد بن سلمة، عبد الوارث الثقفي، وسفيان الثوري، وشعبة، وإسماعيل بن علية وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وهذا الأخير أرواهم عن سعيد بن إياس الجريري، لأنه سمع منه قبل الاختلاط بثمان سنوات.
فالإمام مسلم حين روى عن قطن بن نسير، احتاط في الرواية عنه:
1/ لم يكثر في الرواية عنه، بل روى عنه حديثين فقط.
2/ احتاط في رواية هذين الحديثين، فالأول في المتابعات والثاني مقروناً بغيره.
يبقى أحمد بن عيسى، وهذا هو أكثر هؤلاء الثلاثة رواية في صحيح الإمام مسلم، وأحمد بن عيسى المصري تكلم فيه بعض أهل العلم، وأشار ابن معين إلى أنه كان يكذب، أما أنه كان يكذب الكذب الاصطلاحي، فمعاذ الله أن يكون أحمد من الكذابين، إنما ابن معين أو بعض النقاد قد يطلق الكذب على الخطأ، فإذا روى حديثاً أخطأ فيه على شيخه، فهذا الخطأ يدخل في جملة الكذب لغة، أي أنه أخبر بغير الواقع، كما قيل لعائشة رضي الله عنها، إن أبا الدرداء يقول: من أصبح ولم يوتر فلا وتر له، فقالت عائشة: كذب أبو الدرداء. فهي لا تكذبه الكذب المذموم الذي هو تعمّد قلب الحقائق، كلا.
ولمّا ذكر رجل يكنى بأبي محمد فقال: إن الوتر واجب. فبلغ ذلك عبادة بن الصامت، قال: كذب أبو محمد، ولما قال نوف البكالي: إن موسى الذي صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل، قال ابن عباس: كذب عدو الله. أو قال كذب نوف، كما في رواية أخرى.
فالكذب يدخل في جملة الكذب لغة، أي أنه أخبر بغير الواقع.
فيحيى بن معين لا يقصد أن أحمد بن عيسى كان يكذب الكذب الاصطلاحي الذي يترك بسببه الرواية عنه، ولكن قصد أن يخطئ على شيوخه ما يحدّث، ولذلك قال الخطيب البغدادي: ما رأيت لمن تكلّم في أحمد بن عيسى حجة توجب ترك الاحتجاج بحديثه. ثم ذكر علي النسائي حيث قال: ليس به بأس. وقال أبو جعفر النحاس: كان أحمد أحد الثقات، اتفق الإمامان على إخراج حديثه. وقال الذهبي: احتجّ به أرباب الصحاح، ولم أر له حديثاً منكراً فأورده.
روى مسلم في صحيحه لأحمد بن عيسى نحواً من نيف وثلاثين حديثاً مقرونة كلها وليس له شيخ في صحيح مسلم إلا عبد الله بن وهب فقط، وذلك لأن عبد الله بن وهب كان رجلاً مصرياً، إماما مصرياً، وأحمد بن عيسى إمام مصري [كذلك]، وله اختصاص بعبد الله بن وهب، ولذلك لم يرو له إلا عن عبد الله بن وهب. وقد نظرت في القدر الذي رواه أحمد بن عيسى في صحيح مسلم فرأيته كالتالي:
*/ قرنه مسلم بهارون بن سعيد الأيلي وحده في أحد عشر حديثاً، يقول حدثنا أحمد بن عيسى وهارون بن سعيد الأيلي، فروى له مقروناً أم لا؟ مقروناً ..
*/ قرنه بهارون بن سعيد وأبي الطاهر أحمد بن أبي السرح في ستة أحاديث، يقول: حدثنا أحمد بن عيسى وهارون بن سعيد وأبو الطاهر أحمد بن أبي السرح، فقرنه باثنين أم لا؟
*/ قرنه بهارون بن سعيد وعمرو بن سواد في حديث واحد.
*/ وقرنه بعمرو بن سواد ومحمد بن سلمة المرادي في حديث واحد.
*/ قرنه بحرملة بن يحيى في حديث واحد.
*/ قرنه بهارون بن معروف وأبي الطاهر في حديث واحد.
*/ و قرنه بأبي الطاهر في حديث واحد.
*/ قرنه بأبي الطاهر وعلي بن خشرم وهارون بن سعد في حديث واحد.
*/ قرنه بأبي الطاهر وحرملة بن يحيى في حديث واحد.
إذا كل هذه الأحاديث إنما كان أحمد بن عيسى مقروناً بغيره عند مسلم. وروى له وحده ثلاثة أحاديث.
الحديث الأول في المتابعات، حديث أبي بردة: (لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حدّ) أي لا يجلد أحد تعزيراً فوق عشرة أسواط إلا في حدّ؛ لأن الحد يكون عدد الأسواط فيه عددا محدداً- {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِيْ فَاجْلِدُوْاْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَاْ مِائَةَ جَلْدَةٍ}
إلا في حد فلا يزيد الوالي تعزيراً فوق عشرة أسواط، فأعلى التعزير الجلد عشرة أسواط، إلا أن يكون في حدّ، ومع ذلك فإن الإمام البخاري أخرج هذا الحديث عن يحيى بن سليمان متابعاً أحمد بن عيسى، وقد رأيت له أكثر من خمسة من الثقات تابعوه في هذه الأحاديث. فهذا هو الحديث، فإن كان مسلم أخرج لأحمد بن عيسى وحده، إلا أن أحمد بن عيسى متابع في كتب أخرى، ولم ينفرد أحمد بن عيسى بحديث قط أخرجه له مسلم في صحيحه.
¥