تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كتب عمر: تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تتعلمون القرآن، والجواب عن هذا

يعلم مما قبله؛ وهو أن تعلم السنة غير التحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم،

فإن السنة سيرته صلى الله عليه وسلم، وتعرف من الصحابة بالعمل وبالأخبار

كنحو (من السنة كذا) كما كانوا يقولون، والتحديث عنه نقل كلامه كما هو

المتبادر، وإن اصطلح المحدثون بعد ذلك على تسمية كل كلام فيه ذكر النبي صلى

الله عليه وسلم حديثًا وسنة. ومنه تسمية ابن عبد البر نفسه لرواية قرظة التي هي

موضوع بحثنا حديثًا، وفسر اللحن في أثر عمر عن مورق فقال: قالوا: اللحن

معرفة وجوه الكلام وتصرفه والحجة به.

ثم قال: وعمر أيضًا هو القائل: (خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم)

وهو القائل: (سيأتي قوم يجادلونكم بشبه القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب

السنن أعلم بكتاب الله عز وجل) وأقول: إن هديه صلى الله عليه وسلم ليس

موضع اشتباه، وأما سنته فلو أريد بها هنا أقواله لكان فيها من الشبهات ما في

القرآن أو أكثر؛ لأن القرآن أعلى بيانًا وقد نقل بالحرف، والحديث كثيرًا ما نقل

بالمعنى. فالسنة لا يراد بها إلا السيرة والطريقة المتبعة عنه صلى الله عليه وسلم

بالعمل، والعمل لا تعترض فيه الشبهات. فلذلك أمر بالاحتجاج عليهم بالسنن. ومثل

هذا أمر علي لابن عباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج، قال: (لا تخاصمهم

بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول ويقولون، ولكن حاجهم بالسنة فإنهم لن

يجدوا عنها محيصًا). اهـ من نهج البلاغة.

ومن العجائب أن يغبى بعض المحدثين أحيانًا عن الفرق بين السنة والحديث

في عرف الصحابة الموافق لأصل اللغة، فيحملوا السنة على اصطلاحهم الذي

أحدثوه بعد ذلك، وليس لنا أن نلوم بعد هذا ذلك العالم الفرنسي المستشرق الذي قال

لي مرة: إن الصحابة كانوا يقدمون الأحاديث على القرآن وذكر لي قول علي لابن

عباس، فقلت له: إنه لا يعني بالسنة الأحاديث فإنها ذات وجوه تحتمل تأويل

المجادلين كالقرآن، وإنما هي الطريقة المتبعة بالعمل. مثال ذلك احتجاج علي على

معاوية وأصحابه بحديث عمار (تقتله الفئة الباغية) فقد أوله عمرو بن العاص

فقال: إنما قتله من أخرجه. يعني عليًّا؛ ولكن لا سبيل إلى تأويل كيفية الصلاة

وعددها وكيفية الحج لأنها ثابتة بالسنة. ولا يخفى أن السنة بهذا المعنى تشمل ما

هو مفروض وما هو مندوب وما هو مستحب كما مر جوابه.

هذا، وإن المبحث كبير ولا سبيل إلى تحريره واستيفاء فروعه في هذا الجزء،

فنكتفي بما تقدّم في الوفاء بما وعدنا به في الجزء الماضي.

وليعلم القارئ أن هذا البحث الأصولي بمعزل عن مسألة اهتداء المسلم بما

يصح عنده من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، فتلك الأقوال هي ينابيع الحكم

ومصابيح الظلم، وجوامع الكلم، ومفخر للأمة على جميع الأمم، بل إن في

الأحاديث التي لم تصح أسانيدها من البدائع، والحكم الروائع، والكلم الجوامع، ما

تتقاصر عن مثله أعناق العلماء، وتكبو في غاياته فرسان الحكماء، ولا تبلغ بعض

مداه قرائح البلغاء، ولا غَرْوَ فإن من الأحاديث ما صحت متونه ولم تصح أسانيده

كما إن منها ما أشكلت متونه وإن سلم من الطعن رواته، وأنى لغيرنا ببعض ما

عندنا من الأسانيد لأقوال حكمائهم، أو لكتب أنبيائهم، فنحن يسهل علينا من

التمحيص والتحقيق ما لا يسهل على غيرنا، فليتدبر المتدبرون، وليعمل العاملون.


(1) كذا في كنز العمال ولعل الأصل: إن أصيب أن لا أجده إلخ.
(2) قرظة بالتحريك بوزن (خشبة).
(3) صرار بالكسر موضع قرب المدينة.

((مجلة المنار ـ المجلد [10] الجزء [11] صـ 849 ذو القعدة 1325 ـ يناير 1908))

حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
(س15) من أحمد أفندي محمد عطيوة بالقناطر الخيرية.
المرجو من حضرة الأستاذ الحكيم السيد رشيد رضا، إفادتي عن هذا الحديث:
(علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) في أي كتاب من الكتب الحديثة المعتبرة هو،
وفي أي باب هو، صحيح هو أم ضعيف؟ ولكم من الله الأجر، ومني عاطر الثناء
والشكر.
(ج) هو حديث موضوع , تجدونه في كتب الموضوعات، وذكره الحافظ
السيوطي في الدرر المنتثرة، وقال: لا أصل له، والشيخ عبد الرحمن الدبيع في
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير