تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

غير الثمن المسمى غاص مع غيره أم لا، نعم .. إنه يجب عليه الوفاء بالوعد ولا

سيما لمن تمتع بماله بهذا القصد.

(ج9) ومثل هذه المسألة ما بعدها؛ وهو أن يبيعه سلعة بثمن إلى أجل

على أن يأتيه بلؤلؤ ليشتريه منه بالتراضي، فإن لم يتراضوا باع لؤلؤه حيث شاء،

وأدى الثمن، وليس هذا من الرهن في شيء، فللمشتري أن يتصرف في السلعة

ويستهلكها، وليس عليه غير ثمنها إلا الوفاء بوعده ديانة.

* * *

(ضربة الغائص)

(ج10) ضربة الغائص التي ورد النهي عنها؛ هي أن يقول الغائص

للتاجر مثلاً: أغوص لك في البحر غوصة، فما أخرجته فهو لك بكذا، قالوا وقد

نهي عنه لما فيه من الغرر؛ ولأنه من بيع المجهول وهو يشبه القمار وهو غير

جائز، ومثله ضربة القانص - أي الصائد - يرمي شبكته في البحر مرة بكذا درهمًا،

والحديث في النهي عن ضربة الغائص ضعيف، رواه أحمد وابن ماجه والبزار

والدارقطني عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد قال: (نهى النبي صلى الله عليه

وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضروعها إلا

بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء

الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص)؛ وشهر بن حوشب مختلف فيه،

حسن البخاري حديثه، وقال ابن عدي: شهر ممن لا يحتج به ولا يتدين بحديثه.

وقد صرح الحافظ ابن حجر بضعف سند الحديث، ولكنهم قووا متنه بالأحاديث

الصحيحة في النهي عن بيع الغرر.

* * *

(استئجار الغواصين)

(ج11) استئجار الغواص للغوص مدة معلومة أو مرات معدودة جائز؛ لأن

كلا منهما استئجار لعمل معين بأجرة معلومة، والفرق بين ضربة الغائص

والاستئجار للغوص، أن الغواص في الحالة الأولى يبيع شيئًا مجهولاً لا يملكه،

وفي الحالة الثانية يعمل عملاً بأجرة، وليست الأجرة للغوص عدة مرات جائزة

لأجل تعدد المرات، ولا ضربة الغائص ممنوعة لأنها مرة واحدة، بل لما ذكرنا

من الفرق فالضربة والضربات سواء في ذلك البيع وفي هذه الإجارة، والأجير

يستحق الأجرة بمجرد العقد كما صرح به الحنابلة، ويجوز تأخيره بالتراضي،

ولأصحاب الأموال وأصحاب السفن الذين يقرضون الغواصين بتلك الشروط التي لا

علاقة لها بالقرض، ولا تقيم المحاكم لها وزنًا أن يستأجروهم للغوص قبل وقته،

ويعطوهم الأجرة كلها أو بعضها عند العقد أو بعده وقبل زمن الغوص بحسب

الحاجة، فهذه أمثل الطرق إن كانوا يخافون غدرهم وعدم وفائهم. وأما الذين

يقرضون المال لأجل أن يشتروا اللؤلؤ في موسمه، فخير لهم أن يطبقوا معاملتهم

على قواعد السلم إن أمكن.

هذا ما ظهر لنا في أجوبة هذه المسائل بناء على قواعد الفقه المشهورة المبنية

على المعاملات القضائية، وأشرنا إلى أن المتدينين يتعاملون فيما بينهم بالصدق

والوفاء بالوعود، فهم لا يختلفون إذا كان ما تعاقدوا أو تعاهدوا عليه صريحًا

مرضيًّا بينهم، وقد ثبت في الكتاب والسنة وجوب الوفاء بالعقود التي يتعاقد الناس

عليها برضاهم، وعمل المسلمين بشروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً،

والمحرم في العقود هو الغش والخداع والغرر وكل حيلة يأكل بها الإنسان مال

الآخر بالباطل، وقد شدد بعض الفقهاء كالحنفية في العقود والشروط، ووسع فيها

بعض الحنابلة وفقهاء الحديث، والذي حققه ابن تيمية بالدلائل القوية هو أن كل

عقد وكل شرط لا يخالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو

جائز، والوفاء به واجب سواء اقتضاه العقد أم لا، وهذا ما نراه ولا نحب أن نطيل

في المنار في مسائل المعاملات الفقهية؛ لأن غرضنا مما ننشره من الأحكام العلمية

في باب الفتاوى وغيره، هو بيان عدل شريعتنا وموافقتها لمصالح الناس في كل

زمان ومكان للرد على الطاعنين فيها وتمكين عقائد الجاهلين من أهلها، وبيان

المسائل الدينية المحضة وحكمها للعلة المذكورة آنفًا.


((مجلة المنار ـ المجلد [14] الجزء [2] صـ 103 صفر 1329 ـ مارس 1911))

فتاوى المنار
أسئلة عن أحاديث ومسائل
س63: من صاحب الإمضاء في بيتاوي (جاوه).
سيدي الأستاذ الحكيم: إن الأحاديث الضعيفة وما قاربها في الرتبة أعظم
تكأة للدجالين، وأكبر شبهة على الصادقين المسترشدين، ولعلمي أنه لا يوجد
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير