تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن خلال رحلاته التي اكتسبت نضجا وإدراكا, سفره إلى تونس وبالضبط بجامع الزيتونة ليكتمل المراد, فقد كان احتكاكه بالعلماء ومجالسته لهم, أثر بالغ على شخصيته فراح ينهل علمه وبسرخه من مشارب مختلفة جعلته ملما بالمعرفة, منكبا على فهمها واستيعابها, وما لبث أن عاد إلى بنطيوس ليشد الرحال مرة أخرى إلى قسنطينة, لما كانت تزخر به من جهابذة العلماء آنذاك فالتقى بعلمائها وتدارس معهم وأخذ عنهم, بعدها رجع إلى بنطيوس واستقر بها وجعل من الزاوية التي أسسها جده "محمد بن عامر" مدرسة علمية ذات إشعاع علم ساطع نوره في الآفاق حيث اعتكف على التدريس وتلقين دروس العلم للطلبة وتخريج العلماء فكانت بحق أكبر مدرسة علمية يشيدها الشيخ عبد الرحمن الأخضري وتجلب أنظار العديد من طلاب العلم, فراحوا يتوافدون من كل فج عميق من بقاع القطر, فكانت تصله الوفود الكثيرة فمثلا من نواحي: وادي ريغ (بضواحي المغير) من جهة الجنوب ومن قسنطينة ونواحيها, وكل من كانت له رغبة في تحصيل العلم.

وقد حببت الخلوة إلى الشيخ الأخضري فكان زاهدا عاكفا على العبادة, فكان يصول ويجول من حين لآخر إلى الجبال القريبة من بلدته التي كان يجد بها الراحة التامة, والزيادة على شعوره بالصفاء الروحي ونه, وتأمله في قدر الله تعالى. وهو ما كان مدعاة له في التأليف بعض مصنفاته, ومن هذه الجبال التي كان يأوي إليها الشيخ عبد الرحمن الأخضري جبل "أحمد حدو" الذي هو جزء من سلسلة جبال الأوراس المشرفة على الصحراء, جبل "عياض" وهو أيضا من جبال الأوراس, إضافة إلى الهضاب العليا بسطيف والتي كانت تشكل مكانا خصبا للانعزال والخلوة.

وكما سبق ذكره آنفا أن هذه الأماكن كانت دافعا أساسيا لتأليف عددا من اكتسب مثال الدرة البيضاء التي ألفها بجبل أحمد حدو, واتم شرح علم البيان من كتابه الجوهر المكنون** بجبل عياض, حيث نجده يقول في شرحه: "وكان الفراغ من هذا الفن عشية الجمعة المباركة آخر يوم من ربيع الثاني عام اثنين وخمسين وتسعمائة ببعض بلاد جبل عياض" (12).

شيوخه وتلاميذه:

إن موسوعية الشيخ سيدي عبد الرحمن الأخضري, وتطلعه في علوم شتى وحبه للعلم والمعرفة جعلته يتطلع إلى أفق أوسع وأشمل من سابقيه, فنهل علمه من مجموعة من الشيوخ العلماء, الذين لم تتناول كتب التراجم الجوانب الأساسية من حياة هذا الرجل العلامة, فأكثرها لم يتعرض بإسهاب كبير لشيوخه وتلاميذه, ولم تصرح حتى بأسمائه ولا أسماء من أخذ عنهم ولا أسماء من تتلمذوا أو تخرجوا على يديه.

والواضح أن الشيخ سيدي عبد الرحمن الأخضري قد أخذ علمه على من كانت لهم شهرة واسعة وذيوع كبير في مجال خدمة الثقافة العربية الإسلامية, هؤلاء الشيوخ الذين كان لهم الباع الكبير في تكوين شخصيته وتزويده بكم هائل من علوم عقلية ونقلية كان لها بالغ الأثر في إثراء ملكته العقلية والعلمية أكثر وهو ما جعلها فيما بعد في متناول تلاميذه الذين درسوا عليه.

1/- شيوخه:

- والده الشيخ محمد الصغير, أخذ عنه الشيخ سيدي عبد الرحمن الأخضري مبادئ علم الحساب والفرائض مشافهة, حيث تمكن بعد فهمها واستيعابها من نظمها في متن سماه "الدرة البيضاء في أحسن الفنون والأشياء".

- أخوه أحمد بن محمد الصغير, وهو أكبر إخوته أخذ عنه أمور الفقه والمنطق والبيان ولم يخلف وراءه تأليفا. - الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي الخروبي فقيه ومحدث وصوفي ولد بقرية قرقاش من قرى طرابلس الغرب بليبيا ونشأ بالجزائر سنة959هـ, أخذ عنه الأخضري واستفاد منه وتلقى على يديه ورد الطريقة الشاذلة والزروقية, له رسالة ذوي الإفلاس إلى خواص أهل فاس, والأنس في التنبيه عن عيوب النفس ومزيل اللبس عن آب وأسرار القواعد الخمس, توفي سنة 963هـ (13). - الشيخ عبد الرحمن بن القرون أحمد مرابطي قرية لياشنة الواقعة بالقرب من مدينة طولقة استفاد منه الأخضري كثيرا, ودس على يديه (14).

- الشيخ عمر بن محمد الكماد المعروف بالوزان (15) , كان من أكابر علماء قسنطينة, فقيه وصوفي وعالم في المعقول والمنقول, من تأليفه البضاعة المزجاه, وفتاوى في الفقه والكلام, وحاشية على صغرى السنوسي.

وفاته:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير