تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفيما يلي سأورد شيئاً مما وقفت عليه في هذا الموضوع بإيجاز؛ إذ المقام لا يسمح بالبسط، وذلك من خلال الأمور التالية:

أولاً: لقد نشأ العلامة ابن عاشور في أسرة يهتم أهلها بالحديث النبوي الشريف وبه يحتفلون كل عام في شهر رمضان المعظم ويجتمعون لتدارسه في أسمارهم الرمضانية.

ونال الإجازات النادرة في هذا العلم من كبار رواة الحديث.

فقد روى عن جدّه الوزير محمد العزيز بوعتور سند "الفربري" وهو سند مشهور به أجيز كثير من علماء المغرب العربي.

وبهذا السند يعتزّ ويفتخر كل من أجيز على أيديهم، والاستقراء التاريخي يثبت عراقة أهل تونس خصوصاً وأهل المغرب العربي عموماً في علم الحديث.

يقول الدكتور بلقاسم الغالي -حفظه الله-: "في مثل هذا المناخ الفكري الذي يزخر عناية بالسنة النبوية نشأ شيخ الإسلام محمد الطاهر ابن عاشور، فارتضع لبان السنة، وحفظ الحديث، وحقق المسائل، واستقلّ بأسانيد ونال الإجازات الحديثية.

وعلم الحديث يشكل جانباً هاماً من جوانب فكره انصرف إليه باعتباره المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.

فكان الإمام الحافظ، والراوية الحجة للحديث النبوي، واهتماماته بالحديث لا تظهر في مؤلف واحد من مؤلفاته، بل عنايته تمتد إلى كل مؤلفاته، فما من فن من الفنون، أو علم من العلوم إلا وتطرّق الشيخ إلى أحد مسائله مستشهداً عليه بالحديث النبوي، فتفسيره التحرير والتنوير حافل بالأحاديث المتنوعة، وإنتاجه اللغوي لا يخلو من الرجوع إلى كلام الرسول –صلى الله عليه وسلم-.

ولم يكتف االشيخ بنقده لمرويات شائعة في الصحف والمجلات، بل قد ألف المؤلفات القيمة في هذا الشأن ككتاب "النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح" للبخاري، وكتاب "كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ".

ثانياً: إجازات الشيخ في علوم الحديث: من الإجازات الحديثية المشهورة في تونس إجازة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في صحيحي البخاري ومسلم، وقد تحدث عن هذه الإجازات فقال:

وعمدتنا فيه ما كتبه شيخي وجدي الوزير محمد العزيز بوعتور (1245 - 1325هـ) عن شيخه الجليل محمد الصالح الرضوي فيما كتبه له في شهر جمادى الأولى سنة 1262هـ حين حلول الشيخ الرضوي بتونس، وذيله بخطه، وبختمه، ونص ما كتب عنه:

"أقول وأنا الفقير إلى الله محمد صالح الرضوي البخاري مما منَّ الله عليّ، وله الحمد والمنة فضلاً، وكرماً وإحساناً – أني أروي على ما علمته – على وجه الأرض أقرب من هذا السند، وأعجب ما كان فيه أني أروي الصحيحين بهذا السد الواحد، وهذا لم يوجد قد مثله، وها أنا الآن سائقه أنظر إلى قربه وعجوبته أقول:

حدثني شيخي وقدوتي عمر بن عبدالكريم، عن الشيخ المعمر محمد بن سنة الأزهري، عن قطب زمانه أحمد بن موسى بن عجين اليماني، عن مفتي بلد الله الحرام قطب الدين محمد النهرواني عن أبي الفتوح نور الدين محمد بن عبدالله الطاوسي، عن الشيخ المعمر باب يوسف الهروي، عن الشيخ المعمر محمد بن شاذ بخت الفرغاني، عن أحد الأبدل بمسند أبي لقمان يحيى ختلاني، عن محمد بن يوسف الفربري، عن الإمامين الجليلين أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ثم النيسابوري، إلى آخره.

وقد علق عليه ابن عاشور بقوله:

فهذا سند ثابت لا محالة؛ لأن الذي رواه معروف بالحفظ والعدالة وهو يرويه عن رواة معروفين بمثل ذلك، إلا أنه لتفرده يعد غريباً في سنده، وغرابة السند لها حكم غرابة المتن.

وللشيخ محمد الطاهر بن عاشور سند آخر غير هذا السند، روى به أحاديث الجامع الصحيح للإمام البخاري يعرف بـ: "سند المحمدين"، وهو إسناد عزيز رواه عن جده الشيخ محمد العزيز بوعتور، عن شيخ الإسلام محمد بن الخوجة، وعن الشيخ محمد بن التهامي الرباطي، عن محمد بن عبدالسلام الناصري، عن محمد بن الحسن التطاوني، عن محمد بن عبدالعزيز الحنفي، عن محمد بن علاء الدين البابلي، عن الشيخ محمد حجازي، عن الشيخ محمد الخيطي، عن محمد بن محمد الزنجي، عن محمد الخضري، عن محمد المراغي، عن فخر الأيمه محمد القلقشندي، عن محمد بن فليح، عن محمد بن مسلم الحنبلي، عن محمد بن أحمد بن عبدالرحيم المقدسي، عن محمد بن عبدالواحد، عن محمد بن أبي القاسم القطان، عن محمد بن محمد الحفيد، عن محمد بن الطاهر المقدسي، عن محمد ابن عبدالواحد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير