ثم أضفت الآن ثالثة قرأتها بين يديه –زاده الله سناء- بالروضة الشريفة من مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالمدينة المنورة في شهر ذي الحجة 1363هـ.
وقرأت عليه صحيح البخاري من أوله حتى أتينا الآن على أربعة أخماسه.
وقرأت عليه جامع الترمذي قراءة في غاية الضبط والدقة يتناول أثناءها –أدام الله عزه- تصحيح النسخة المطبوعة بمصر مع شرح ان العربي، ونقابلها بأربع نسخ خطية من خزائن جامع الزيتونة الأعظم، ونراجع لتحقيقها ما شاء الله من دواوين السنة، وكتب الرجال، واللغة مثل الإصابة، وتهذيب التهذيب، والكاشف للذهبي، ونهاية ابن الأثير، ولسان العرب، وقاموس الفيروزأبادي وشرحه.
وعكوف طويل كهذا على كتب الحديث وتدريسها لطلاب الزيتونة حملا دون شك هذا الإمام على أن يضع شرحاً للمغلق من الأحاديث، محاولاً حل معاقدها، أو يكتب بعض البحوث والدروس في السنة النبوية الشريفة، أو يتولى بعد تدبر معانيها القيام بنقد أسانيدها ومتونها".
رابعاً: مؤلفات ابن عاشور في السنة: للشيخ ابن عاشور مقالات ومؤلفات كثيرة في السنة، وهي ما بين شروح، وبحوث، ونقد، والمقام لا يتسع لبسط ما تحتوي عليه هذه المؤلفات؛ فمن تلك المقالات والمؤلفات ما هو مطبوع ومخطوط، فمن المطبوع من المقالات ما يلي:
1 - مقال في تحقيق رواية الفربري لصحيح مسلم.
2 - الفربري ورواية الصحيحين.
3 - دفع إشكال في حديث: "سألت ربي ألا يسلط على أمتي عدواً من سوى أنفسهم".
4 - شرح حديث "من سئل علماً فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".
5 - شرح حديث "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم".
ومن المخطوط: تعليقات على شرح حديث أم زرع.
أما البحوث في السنة فمنها:
1 - درس في موطأ مالك: وتحته تعرض لعدد من الأحاديث والمباحث.
2 - بحث بعنوان: من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، وقد انطلق فيه من حديث من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، وقد أفاض فيه، وأبدع أيما إبداع.
3 - تحقيق معنى الحديث القدسي.
4 - نشأة علم الحديث، والتعريف بموطأ الإمام مالك: وقد اقترحته عليه جمعية النهضة الإسلامية بالرباط 19/ 4/1390هـ ووافاها به في 13/ 5/1390هـ.
وهو بحث جليل غني بما تناوله من مسائل رغم وجازته.
وله –رحمه الله- تنبيهات على جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة منها:
1 - التنبيه على أحاديث ضعيفة أو موضوعة رائجة على ألسنة الناس.
2 - الأسانيد المريضة الرواية في حديث "طلب العلم فريضة".
3 - مراجعة ونقد لكتاب فتح الملك العلي بصحة حديث: "باب مدينة العلم علي" لأبي الفيض أحمد بن صديق الغماري.
4 - حديث أولية خلق النور المحمدي.
وله –رحمه الله- كتابان عظيمان في السنة يعدان نمطاً فريداً في التصنيف يكمل بهما ما قاله المحدثون والشراح من رجال الحديث النبوي في الموطأ، وصحيح البخاري –كما يقول معالي الشيخ ابن الخوجة-.
وهذان الكتابان هما:
1 - كشف المغطى في المعاني والألفاظ الواقعة في الموطأ.
2 - النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح.
وقد أطال الشيخ ابن الخوجة الحديث عن هذين الكتابين في كتابه (شيخ الإسلام الإمام محمد الطاهر ابن عاشور) ص365 – 405.
وقال في ختام حديثه: "فمن هذه الأمثلة التي استعرضناها من الكشف والنظر الفسيح يتضح لنا المنهج العاشوري في تأملاته وملاحظاته وتعليقاته وتحريراته، وهو إن قام على أسس المطالعة الواسعة والعلم التام بما كتبه الشيوخ في مختلف الجوانب التي تتصل بنص الحديث؛ فإنه يرتكز دون شك على النظر الدقيق، والقدرة على اختراق الأشكال والصور، بل على استخدامها والاستلهام منها لجواهر المعاني وأبعاد الإيحاء للنصوص الشريفة من السنة النبوية التي شغلت نفسه، وخالطت لبه، وملأت روعه وقلبه".
خامساً: جانب الحديث في تفسير التحرير والتنوير: يقول د. الغالي: "كان للحديث النبوي الشريف القسط الوافر من العناية به في تفسير التحرير والتنوير، فهو يبدأ السور بذكر أسباب نزولها، ويعرض عدة حوادث تتضمن أحاديث في ذلك.
وأسباب النزول من المباحث المتصلة بالحديث اتصالاً عضوياً، فقد احتوت كتب الحديث على بعض أسباب نزول آي القرآن، ولذلك تطرق الشيخ في المقدمة الخامسة من مقدماته في التفسير إلى بيان هذا الشأن، وبيّن أن من أسباب النزول ما ليس للمفسر غنىً عن علمه؛ لأن فيها بيان مجمل، أو إيضاح خفي موجز.
¥