تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال ابن عاشور:"وموقع الم تر: قبل قوله: (وقاتلوا في سبيل الله) موقع ذكر الدليل قبل المقصود وهذا طريق من طرق الخطابة أن يقدم الدليل قبل المستدل عليه لمقاصد , والمقصود من مثل ذلك الاهتمام والعناية بالحجة قبل ذكر الدعوى تشويقا للدعوى , أو حملا على التعجيل بالامتثال "

وقال السيوطي وهو يتحدث عن الاستفهام:" أنها تدخل على الإثبات , وذكر منها التعجب من الأمر العظيم كقوله تعالى: (الم تر إلى اللذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) وفي كلا الحالين – يقصد التعجب أم التذكير- والتنبيه التي تدخل الاستفهام على الإثبات لتفيد احد المعنيين نحو: (الم نهلك الأولين)

ويرى الباحث أن سبب التنوع بين (الآف – وألوف) راجع إلى دلالة كل منهما في سياقه , فقد جاء الجمع الآف يحمل دلالة التدرج في النزول في السياق ذاته , فهم لم ينزلوا دفعة واحدة يؤكد ذلك قوله (منزلين) صفة لثلاثة الآف وفيه إشارة إلى إن المنزلين من اشرف الملائكة يؤكد ذلك استخدام من التبعيضية

فناسب خصوصية اللفظ خصوصية المنزلين لأنهم ملائكة ولأنهم من أشرفهم وليسوا ملائكة فحسب.

وكذلك الحال بالنسبة للجمع ألوف الذي جاء يحمل الدلالات المناسبة لسياقه منها:

1 - أنهم بشر سواء أكانوا من بني إسرائيل أوغيرهم وهو أكثر عمومية

2 - فيه دليل على الألوف الكثيرة الذين يقصدهم السياق

3 - فيه دلالة العناية بالموضوع أو التعجيل بالامتثال لأنه قدم (وقاتلوا في سبيل الله) وأخر هذه الآية

4 - دلالة العضة والعبرة من مخالفة أوامر الله أ, عدم الاستسلام لقضاء الله وقدره

5 - دلالة التحذير للأجيال القادمة من الوقوع في تلك المزالق أو الدخول فيها على مدار الأزمان حتى لايصيبهم ما أصاب من قبلهم

فناسب عموم الجمع عموم الدلالات المقصودة في سياقه وهي المذكورة سابقا وناسب خصوصية اللفظ السابق خصوصية المعنيين السابقين والله اعلم

2 - أنصاب: نصب

قال تعالى " ياأيها اللذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "المائدة: 90

وقال تعالى "يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون" المعارج: 43

مرات الورود

ورد الجمع الأول (أنصاب) مرة واحدة في القران الكريم في الآية السابقة

ورد الجمع الثاني (نصب) مرتين في القران الكريم الآية السابقة وقوله تعالى

: (وما ذبح على النصب) (المائدة:3)

قال الراغب:"النصيب: الحجارة تنصب على الشيء , وجمعه نصائب ونصب ... وقد يقال في جمعه أنصاب "

وقال ابن منظور:"النّصب: كل ما عبد من دون الله تعالى , والجمع أنصاب , وقال الزجاج: النّصب: جمع واحدها نصاب قال: وجائز ان يكون واحدا وجمعه أنصاب "

قال الالوسي:"ألأنصاب: هي الأصنام المنصوبة للعبادة , وفرق بعضهم بين الأنصاب والأصنام بان النصاب حجارة لم تصور كانوا ينصبونها للعبادة

ويذبحون عندها , والأصنام ما صور وعبد من دون الله عز وجل "

قال الزمخشري:"فان قلت:لمَ جمع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخر قلت: لان الخطاب مع المؤمنين , وإنما نهاهم عما كانوا يتعاطونه من شرب الخمر واللعب بالميسر وذكر الأنصاب والأزلام لتأكيد تحريم الخمر والميسر , واضهار أن ذلك جميعا من أعمال الجاهلية وأهل الشرك فوجب اجتنابه بأسره "

وقال الو احدي:" الخمر: التي تخمر حتى تشتد وتسكر , والميسر: القمار بجميع أنواعه , والأنصاب: الأوثان , رجس: قذر قبيح "

وقال ابن عطية:"الأنصاب: وهي حجارة يذكون عندها لفضل يعتقدون فيها , وقيل: هي الأصنام المعبودة كانوا يذبحون لها وعندها في الجاهلية , فان كانت المرادة في هذه الآية , الحجارة التي يذبح عندها فقط فذلك لأنه كان في نفس ضعفة المؤمنين شيء من تعظيم تلك الحجارة "

أما قوله: (كأنهم إلى نصب يوفضون)

قال الطبري:"كأنهم إلى علم قد نُصب لهم يستبقون , وأجمعت قراء الأمصار على فتح النون من قوله (نصب) غير الحسن البصري: فانه ذكر عنه انه كان يضمها مع الصاد , وكان من فتحها يوجه النصب إلى انه مصدر من قول القائل: نصبت الشيء أنصبه نصبا وكان تأويله عندهم: كأنهم إلى صنم منصوب يسرعون سعيا. وأما من ضمها مع الصاد فأنه يوجه إلى انه واحد الأنصاب , وهي ألهتهم التي كانوا يعبدونها "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير