وهكذا كان الجمع الأول، أو جمع أبي بكر، أو "الجمع البكري".
عمر بن الخطاب خلال فترة خلافته تشدد مع الصحابة ومنعهم من الانتقال إلى الأمصار الإسلامية. إلا أن عثمان بن عفان كان ليناً معهم بعد استشهاد عمر، فانتقلوا إلى الأمصار، فالتف حولهم السكان وتكونت الأحزاب الإسلامية، وحدث تأثير آخر تمثل في أن بدأ المسلمون في كل ولاية يقرأون القرآن وفق، رواية من نزل بينهم من الصحابة، فأهل الكوفة قرأوا عن عبد الله بن مسعود، وأهل البصرة تأثروا بقراءة أبي موسى الأشعري، وأهل دمشق قرأوا مثل قراءة المقداد بن الأسود بينما باقي أهل الشام كانت قراءتهم مثل أبي بن كعب، وحدث خلاف بين كل تلك القراءات.
تطور الأمر بعد غزو أرمينيا سنة 25هـ، إذ حدث خلاف بين أهل الشام وأهل العراق، فتلاعنوا وكفَّر بعضهم بعضاً، وأسرع حذيفة بن اليمان الأنصاري إلى المدينة المنورة حيث أطلع الخليفة عثمان على ما رأى وما سمع واستشار عثمان الصحابة، وتم الاتفاق على ضرورة جمع الناس على مصحف واحد، وأرسل عثمان إلى السيدة حفصة في طلب الصحف المحفوظة لديها، وتكونت لجنة برئاسة زيد بن ثابت ضمت في عضويتها سعيد ابن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث، وقاموا بنسخ عدة نسخ سميت بمصاحف الإمام أو المصاحف العثمانية الأئمة، قيل إنها كانت أربعاً، وقيل خمس وقيل سبع وروى البعض أنها ست نسخ، أرسل منها أربع نسخ إلى أربع مدن هي البصرة والكوفة ومكة المكرمة، ونسخة إلى الشام، أما الخامسة فقد بقيت في المدينة المنورة طيبة الطيبة. والنسخة السادسة احتفظ بها عثمان لنفسه، وسمي عثمان بن عفان تبعاً لذلك باسم "جامع القرآن" ويعتبر مصحف عثمان أو المصحف الإمام من أكبر كنوز الفن الإسلامي.
الخطوط
كتبت المصاحف في بداية الأمر بخطوط مربعة ذات زوايا "الخط المكي" إلا أنها ومنذ خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كتبت بالخط الكوفي واستمرت المصاحف تكتب بهذا الخط طوال القرون الأربعة التالية، وكان من بين أسباب استخدام هذا الخط ما أمكن توليده من زخارف فيه، مما يعطي جلالاً لخطوط القرآن الكريم يتفق وقدسيته، ويمكن لنا التعرف على عدة أنواع من الخط الكوفي "بسيط بدون زخارف، مورق أي خط منقوش على أرضية بها زخارف نباتية مزهر أي تخرج من حروفه فروع نباتيه بها أزهار، ومضفور أي تشتبك الألف واللام على هيئة ضفيرة" وكانت الخطوط راسخة رصينة دلالة على رسوخ القرآن الكريم ورصانته.
تطور الأمر إلى بعض الليونة "كوفي إيراني" ارتبط في أحيان كثيرة بالخطوط في المغرب والأندلس وتولد منه الخط المغربي، وهو خط يميل إلى الليونة والتدوير وأسهل في القراءة والكتابة.
يذهب البعض إلى أن الأقلام أو الخطوط تولدت عن الخط الكوفي المربع، ولكن الحقيقة أن الخطوط التي انتهت إلى الحجاز كانت نوعين.
1. خط جاف يابس و زوايا مولد من خطوط عبرانية مستنبطة من خط آرامي مربع وقد عرفه الأنباط وكتبوا به حوادثهم.
2. خط مستدير أو لين -مقور- كان يكتب به المراسلات والأخبار اليومية وقد وصفه ابن النديم في الفهرست "كانت الخطوط العربية أنواعاً: المدور والثلث والتئيم" ومعنى هذا أن العرب قد عرفوا الخط المستدير.
استمر الوضع كذلك بالنسبة للمصاحف وهي أول النصوص الكتابية الأثرية الإسلامية المهمة إلى أن ظهر نوع آخر من الخطوط من اختراع وابتكار الأتابكة هو الخط النسخ.
ـ[المستعار]ــــــــ[22 - 07 - 2002, 11:32 م]ـ
وبدأ المماليك بعد ذلك يكتبون بالخط الطوماري والطومار عبارة نصف ملف (درج) والملف أو الدرج يتكون من 20 جزءاً من البردي أو الورق يلصق بعضها ببعض في وضع أفقي ثم يلف على هيئة أسطوانة ويكتب عليه بخط النسخ الكبير والذي عرف باسم "خط الطومار"، اتفق على أنه الخط الحجازي اللين، وظهر منه الخط المحقق، أما الخط الثلث فقد أطلقت عليه هذه التسمية لأن حجمه يساوي ثلث حجم النسخ الكبير الذي كتب به على الطومار، ثم ظهر بعد ذلك الخط الريحاني الذي تطول فيه الألف واللازم مثل أعواد الريحان.
¥