ومن أراد أن يكتب هيأة وحطيأة فله ذلك. لكن ليس له أن يخطِّئ ما جاء على الأصل كما هو جار في الكتب الدراسية من نحو: صحح الأخطاء التالية: (هيئة، سموءل) مثلا. فمثل هذا لا يدل على قصد التسهيل بل يدل على الجهل لأنه رأى ما يخالف ما يظنه قاعدة - وليس بقاعدة - وجهل القاعدة الأصل.
ثانياً: العمل بقاعدة التخفيف يلزم منه عدم الاعتداد بالتوسط العارض.
إذا كان ذلك كذلك، فعدم الاعتداد أصح، لأن مراعاة الأصل أولى.
إن كنت تعني أن مراعاة التخفيف توجب كتابة نحو (يقرأُه) مرفوعا هكذا، لا (يقرؤه) هكذا، لأننا في التخفيف نقول يقراه لا يقروه، أَقُُْل: فيقرأه أصح، لأنها طابقت الواقع أما يقرؤه فالواو فيها لغو. ومع هذا فقد أجازوا الوجهين.
ثم ما الفائدة من مراعاة التوسط أحقيقي هو أم عارض إن لم يكن ثمة ثمرة لذلك؟!
ثالثا: إن ذهبنا نبحث عن العلل لكل ما نكتب سيعيينا البحث و سنفتح على أنفسنا أبوابا نحن في عنى عنها.
كتابتك طبقا لأقوى الحركات علة أيضا، فَلِمَ تبيح العلة هنا إن كانت موافقة لأقوى حركة ولا تبيحها إن كانت موافقة لحرف التخفيف؟
لو لم تراع العلة لتساوى معك كتابة الهمزة مفردة أو على واو أو ياء أو ألف دون مراعاة لا للحركات ولا التخفيف، ولكان لزوم وجه واحد للهمزة هو المتعين.
رابعا: الرسم الإملائي ليس رسما توقيفيا و التجديد فيه لا علاقة له بتوليد لغة جديدة و لا ضياع التراث.
من هذا الباب اقترح أحد أعضاء مجمع اللغة العربية واسمه عبد العزيز فهمي استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية في جلسة عقدها مجمع اللغة العربية بالقاهرة في 3 مايو 1943م، وألف كتابا وسمه بـ (تيسير الكتابة العربية) طبع بالقاهرة 1946م.
ومن هذا الباب اقترح أحمد لطفي السيد أقدم أعضاء المجمع المطالبين بتيسير الكتابة العربية الدلالة بالحروف عن الحركات فتكتب ضرب هكذا ضارابا، وتكتب سعدٌ هكذا ساعدون وتكتب محمدٌ هكذا موحاممادون.
ومن هذا الباب اقترح علي الجارم استعمال شكلات جديدة متصلة بالحروف، أي اختراع حروف تحل محل الشكلات.
واقترح محمود تيمور في بحث تقدم به إلى مجمع اللغة العربية في يناير 1951 الاكتفاء بصورة واحدة للحرف فبدلا من (ع، عـ، ـع، ـعـ) مثلا يكتفى بـ (عـ) وهكذا، وقد طبع هذا البحث في كتاب بعنوان (ضبط الكتابة العربية)، وكتاب آخر بعنوان (مشكلات اللغة العربية).
فهؤلاء كلهم أعضاء في مجمع اللغة العربية وهم سدنة اللغة وحماتها والعارفون بدقائقها وأسرارها، كما تقول الدكتورة نفوسة سعيد رحمها الله في كتابها القيم تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر.
خامسا: الهدف من بحث قواعد الإملاء العربي هو توحيد الرسم الإملائي في أقطار الوطن العربي، و هو هدف لا يتحقق إلا من خلال المجامع و المراكز، و علينا أن نكون مع الجماعة و إن خالف اجتهادهم ما نراه.
الرسم الإملائي موحد، وتغييره هو الذي يخلق البلبلة ويفتح باب الاختلاف، فماذا لو أخذت مصر مثلا برأي عبد العزيز فهمي، وأخذت السعودية برأي الجارم، وسوريا برأي أحمد لطفي، والجزائر برأي تيمور ولبنان برأي سلامة موسى؟
ثم من خرج على الجماعة وخالف اجتهادهم من دعا إلى تغيير المصطلح المستقر عليه ما يقارب خمسة عشر قرنا، لا من طالب بالحفاظ على ما ارتضته الأمة لنفسها على اختلاف القرون والجهات.
سادسا: التجديد في الرسم الإملائي ليس بدعا من القول و إنما هو تطور طبيعي للرسم العربي، و من يطلع على كتب التراث المخطوطة يلحظ ذلك.
لما دعت الحاجة للتطوير، والتيسير عند دخول الأمم غير العربية في العربية هب علماء العربية لوضع قواعد النقط والإعجام، فيسروا الأمر على العربي وغير العربي، وانتشرت العربية تكلما وكتابة من الصين إلى أسبانيا، فهل العرب اليوم في حاجة إلى تيسير (أيسر)، حتى يهب كل من دب لتغيير الأصول بحسن نية أو سوئها، وبقصد أو جهل.
الرسم الإملائي ليس توقيفيا وليس مقدسا ولكن للمصطلح اعتباره وثبوته ما يصل به حد التوقيف.
لماذا لا يسعى الإنجليز إلى تيسير كتابتهم التي غزت العالم كله، ولا نسمع من يشكو من طلاسمها ويطالب بتيسيرها على الناشئة، بل نجد من بيننا من يزعم أن كتابتها أيسر كثيرا من العربية.
وهل في العربية نحو: dough, cough, hiccough, plough, through, thorough
¥