تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقل ابن خلدون في (المقدمة) عن الفرغاني شارح (نظم السلوك) لابن الفارض في الديباجة:" أن صدور الوجود عن الفاعل و ترتيبه: أن الوجود كله صادر عن صفة الوحدانية التي هي مظهر الأحدية، و هما معا صادران عن الذات الكريمة التي هي عين الوحدة لا غير، و يسمون هذا الصدور بالتجلي و أول مراتبه عندهم تجلي الذات على نفسه المتضمن الكمال بإفاضة الإيجاد و الظهور.

ويكون هذا في عالم المعاني، المسمى عندهم الحقيقة المحمدية و فيه حقائق الصفات، و اللوح و القلم، وحقائق الأنبياء و الرسل و يصدر عن هذا العالم حقائق أخرى عن العرش و الكرسي و الأفلاك، ثم عالم العناصروالتركيب، وكل هذه العوالم في عالم الرّتق أي العدم، فإذا فاض عليها وجود الله كإشراق الأنوار على السطوح، تجلت وظهرت في عالم الفتق أي: خرجت إلى الوجود المادي". {471}.اهـ

و قادهم هذا الخيال المركّب، رأسا إلى الحلول فعدوا جميع الذوات هي القوة الإلهية التي انبثت في جميع الموجودات كلية و جزئية، و أحاطت هذه القوة الإلهية، التي هي جميع الذوات بالموجودات من كل وجه، من جهة الظهور و الخفاء، و الصورة و المادة، فالكل واحد هو نفس الذات الإلهية، التي هي في حقيقتها ذات واحدة بسيطة، و إنما التفصيل فيها بالاعتبار فقط.

أي: أن جميع الموجودات مشروطة بوجود المدرك العقلي (اليقظة)، فهو الذي يظهرها منفصلة كوجود الألوان مشروط بوجود الضوء، فإذا غاب المدرك العقلي (الفناء - الغيبة - الغشي) فإنما هو الوجود الوحيد البسيط، و مثلوا ذلك بحالة النائم عند استيقاظه، أي: رجوع المدرك العقلي فتعود الموجودات إلى التعدّد و الكثرة.

تفصيل ظاهرة الفناء:

إن التأله المطلق بالرياضات و التجرد و الذكر المطلق، قاد الصوفية إلى إثبات وجود وطلق لله، و من ثم اعتقاده، و عندما يصادف هذا الاعتقاد حالة الفناء، و كثير منهم يصطلم و يسكر بالسماع و الرّقص، أو الخمر و البنج، يغيب عقله كالسكران فتحدث له تلك الأوهام و الخيالات فيعتقد الحلول والاتحاد، ذلك أن الخيال و الأوهام نسيج تلك الاعتقادات الكامنة في عقولهم قبل السكر، فإن كل اعتقاد يعتقده الإنسان، و لابد له من تصور مجمل له، ذلك أن الإنسان لا يمكنه فهم ما لا يتصوره، و الحافظة (الذاكرة) لها قدرة على تركيب تلك التصوّرات، و مهما بلغ خيال الإنسان فإنه لا يعدو أن يكون قياسا للموجودات، و من هنا منشأ الخيال و الأوهام؛ و لهذا تجد من يعتقد الأشباح إذا دخل في أرض قفار و انتابه الخوف، ظهرت له تلك الأوهام و الخيالات، و تجسدت عقيدته في الأشباح صورا أمامه.

قال النبي صلى الله عليه و سلم عن أحد أقسام الرؤية: إنه حديث النفس، فما يحدث به الشخص نفسه في النهار، متصورا له في ذهنه، يعود إليه في حالة النوم الذي هو شبيه بالغشي و الإسكار، من حيث فقدان الإنسان السيطرة على عقله، و تتولى الذاكرة تركيب صور ذلك الحديث في النهار.

بيان العناصر الشيعية و المسيحية في التصوف الكشفي:

فإذا فهمت أن هذا التصوف الذي يريد البوطي الدفاع عنه، لا أصل له في الإسلام، و إنما هو وليد أفكار يونانية و هندية و مسيحية، و جد ميدانا خصبا عند الرافضة فترعرع و نما.

قال ابن حزم في الملل و النحل:"اعلموا أن كل من كفر هذه الكفرات الفاحشة ممن ينتمي للإسلام، فإنما عنصرهم الشيعة و الصوفية " (ص: 188/ 4) طبعة دار المعرفة 1403.

قال ابن خلدون في (المقدمة) عند ذكر ابن عربي و أتباعه:» .... و كان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الروافض، الدائنين أيضا بالحلول و إلهية الأئمة، مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر و اختلط كلامهم، و تشابهت عقائدهم و ظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب، و معناه رأس العارفين، يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله، ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان، و قد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتابه (الإشارات) في فصول التصوف منها، فقال:" جلّ جناب الحق أن يكون شرعة لكل وارد، أو يطلع عليه إلا الواحد بعد الواحد «، و هذا الكلام لا تقوم عليه حجة عقلية، و لا دليل شرعي و إنما هو من أنواع الخطابة، و هو بعينه ما تقوله الرافضة و دانوا به، ثم قالوا: بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب، كما قاله الشيعة في النقباء، حتى إنهم لما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير