وقد وصف لنا عبد الرحمن الجبرتي بإسهاب تصرّفات جنود الحملة حين دخلوا الأزهر بخيولهم ¸ .. وتفرقوا في صحنه ومقصورته وكسروا القناديل والسهّارات وهشموا خزائن الطلبة المجاورين .. ودشنوا الكتب والمصاحف، وعلى الأرض طرحوها، وبأرجلهم داسوها .. ·. وآخر مانضيفه عن نضال الأزهر ضد الحملة الفرنسية اغتيال سليمان الحلبي ـ الفتى الأزهري الشامي ـ لكليبر، وقد حوكم ونفذ فيه حكم الإعدام، مع أربعة آخرين من رفاقه. انظر: سليمان الحلبي.
ويمضي الأزهر ـ عبر تاريخه ـ بمسيرة النضال، فيقود عمر مكرم ـ عالم أزهري ـ حركة المقاومة ضدّ الحملة البريطانية عام 1222هـ، 1807م، ثم يقود أحمد عرابي ـ من أبناء الأزهر ـ الحركة الوطنية ضد الإنجليز والخديوي عام 1298هـ، 1880م، وقد سمّيت الحركة بالثورة العُرابية.
كما شارك الأزهر في قيادة ثورة 1338هـ، 1919م بأحد أبنائه، وهو سعد زغلول، الذي تدل وقائع حركته الوطنية على التفاف الأمة حوله، وتأييد جمهرة كبيرة من رجال الأزهر لثورته. وهنا نسوق بعض ماقاله اللورد ألنبي، أحد قادة الاستعمار البريطاني في مصر، ¸ إن الحركة الوطنية التي كانت في بادئ الأمر حركة سياسية بحتة، بدأت الآن تتخذ طابعًا دينيًا. وجامع الأزهر هو مركز الاضطرابات الدينية، حيث تُلقى فيه الخُطب المثيرة والنارية ليل نهار. وبالنظر للطبيعة المقدسة للأزهر والمعترف بها في كافة أنحاء العالم الإسلامي، فإن من غير الممكن كبح جماح من يرتادونه بالقوة·.
مكتبة الأزهر
أنشئت مكتبة الأزهر في مبنى كان في الأصل مدرسة مستقلة عن الأزهر، ثم ألحق بمبنى الأزهر، وكانت تلك المدرسة تسمّى المدرسة الأقنعاوية. وتُعد مكتبة الأزهر من أغنى المكتبات العامة، إذ بلغ عدد ماتضمَّه خزائنها من العناوين نحو 15,400 عنوان، تصل عدد مجلداتها إلى مايزيد على ربع المليون كتاب. هذا عن الكتب المطبوعة. أما المخطوطات فتبلغ 25,000 مخطوط، وبعضها نادر، لا يوجد فيما سواها من الخزائن، بما في ذلك دار الكتب المصرية.
وعندما أنشئت دار الكتب المصرية (المكتبة الخديوية سابقًا)، نقلت جميع الكتب التي كانت في المدارس المختلفة إلى تلك المكتبة الجديدة، ولكن من حُسن حظ مكتبة الأزهر أن بقيت كما هي لم تمسّ.
مجلة الأزهر
تصدر مجلة الأزهر منذ عام 1349هـ، 1930م وهي مجلة شهرية، وكان اسمها نور الإسلام، ثم غيِّر إلى مجلة الأزهر. وفي بعض الفترات رأس تحريرها رجال غير أزهريين، ولكنهم من أفذاذ أهل الفكر. فمنهم على سبيل المثال: محمد فريد وجدي، وعباس محمود العقاد، ومحب الدين الخطيب. وما تزال المجلة توالي صدورها غرة كل شهر هجري، وتصدر ملاحق تعالج موضوعات إسلامية مفيدة.
منح الأزهر الشريف جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1420هـ، 2000م تقديرًا للدور الكبير الذي يقوم به هذا الصرح الإسلامي العريق في خدمة الإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف سنة.
ـ[أحمد محمود الأزهري]ــــــــ[07 - 03 - 05, 01:57 م]ـ
جزاك الله خيرا أيها الأخ الكريم محب المخطوطات، فقد أفدتنا بذكر هذا التاريخ للأزهر الشريف.
وأكاد أجزم بأن من يعتقد من علماء الأزهر الشريف مذهب أهل السنة والجماعة وعقيدته موافقة لفهم سلف الأمة هم أكثر ممن يعتقد مذهب الأشاعرة والماتريدية، وإن كان منهج الأزهر في العقيدة هو مذهب الأشاعرة.
فأنا أزهري وخريج جامعة الأزهر، وكنت أعرف كثيرا من الدكاترة في الجامعة يؤمنون بعقيدة السلف، مما جعل كثيرا من طلبة جامعة الأزهر يعتقدون مذهب السلف فلا يذهبون إلى التأويل أو التشبيه أو التعطيل، بفضل علماء الأزهر وإن كان الشائع خلاف ذلك؛ لعدم تسليط الضوء عليهم.
ولقد قابلت كثيرا ممن لا يسمع الأزهريين لأنهم أشاعرة، وتبين لهم بعد ذلك أنهم ليسوا أشاعرة.
ولكني أؤكد أن هناك كذلك من يعتقد مذهب الأشاعرة، ويدعو إليه ويهاجم من لا يرى مذهب الأشاعرة.
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[07 - 03 - 05, 11:24 م]ـ
يا أخي الفاضل التعميم في مثل هذه المسائل يوغر الصدور مع أنه ظلم وجور والحق الذي لايجحده إلا مكابر مغرور أن منهم الأشاعرة ومنهم المتبع لمذهب السلف المبرور.
ـ[أبو وكيع الغمري]ــــــــ[07 - 03 - 05, 11:56 م]ـ
أحسنت يا حنبلي .. و كم سمعتُ _ من اخواني السلفيين الأزهريين _ هذا الكلام: " كثير من مشايخنا الذين يدرِّسون لنا العقيدة _ في الجامعة (يعني الأزهر) _ يقولون لنا: هذه العقيدة عقيدة الأشاعرة .. و السلف يخالفون هذا الكلام .. فالاعتقاد الصحيح هو اعتقاد السلف رحمهم الله تعالى .. و لكن اكتبوا هذا فقط في الامتحان .. و لا تعتقدوه أو تدعوا الناس اليه. " اهـ كلام الاخوان .. و الحق في هذه المسألة = أن من مشايخ الأزهر من هو سلفي و منهم من هو أشعري .. و ان كانت الغلبة الرسمية للفريق الثاني .. و الله المستعان .. أما كلام الأخ محمد السلفي حفظه الله عن الشيخ علي جمعة مفتي مصر الحالي = فحقٌ .. و أسأل الله ألا يفتن الشباب الذين يحضرون له به و بكلامه .. و لقد ذهبتُ مراتٍ عديدة الى رواق الأزهر الشريف الذي يلقي فيه المفتي درسه في جهة من جهاته .. و كنت أقف خارجه و أتهيَّب أن أدخل و أحضر مجالسه .. و بفضل الله عُصِمتُ من حضور مجالسه .. و لم أسمع كلامه في ابن عثيمين و لا ابن باز رحمهما الله .. بل أخبرني كثير ممن أثق بهم .. فقلتُ: الحمد لله أنني لم أحضر معكم وقتها = فان الانسان أضعف من أن يتحمَّل مثل هذا الكلام في أئمتنا طيَّب الله ثراهم .. و أسأل الله أن ييسر فينا من يقوم له _ و لمثله _ بالهدوء و الحجة البالغة .. و أرض الكنانة لن تكون مرتعا لهؤلاء أبداً .. و أيام الله لا تتوقف .. و هناك _ بفضل الله _ صخرة في الأسكندرية تُسمَّى " محمد بن اسماعيل المقدَّم " نسأل الله أن يزيدها ثباتاً .. و الله الهادي و الموفِّق .. و الحمد لله.
¥