تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حفل التاريخ المصري الحديث بجهود كبيرة لإصلاح الأزهر، وكان من أبرز المنادين بإصلاحه الشيخ محمد عبده. فقد تقدم إلى الخديوي عباس الثاني بخطة إصلاح، ووفق في استصدار قانون تمهيدي في 17 رجب من عام 1312هـ، 15 يناير 1895م. وتألف مجلس لإدارة الأزهر من كبار شيوخه الذين يمثلون المذاهب الأربعة. وعني المجلس بحركة الإصلاح التي تمثلت في جعل مرتبات للشيوخ، واستصدار قانون لكساوي التشريف، واهتم بمساكن المجاورين وتنظيم توزيع الأطعمة، وحدد العطلات وقصر أجلها، وأدخل بعض العلوم الحديثة، وعني بمكتبة الأزهر، وأنشأ مكتباً في المعاهد الملحقة به.

قطع الإصلاح شوطًا جديدًا تحت القانون رقم 10 لسنة 1911م حيث زيدت فيه مواد الدراسة، وحدِّد فيه اختصاص شيخ الجامع الأزهر، وأُنشىء له مجلس برئاسة شيخه يسمى المجلس الأعلى للأزهر، ووضع فيه نظام لهيئة كبار العلماء، وجعل لكل مذهب شيخ، ولكل معهد مجلس إدارة. وأنشئ قسم خاص للتخصص سنة 1923م. وأدخل نظام المراحل التعليمية فيه عام 1930م: 1 - الابتدائي ومدته أربع سنوات 2 - والثانوي ومدته خمس سنوات 3 - والعالي ومدته أربع سنوات، ويضم ثلاث كليات: اللغة العربية والشريعة وأصول الدين. وحددت المواد الدراسية التي تدرس في كل مرحلة وكلية 4 - التخصص، وهو على نوعين، تخصص في المهنة، وتخصص في المادة. ويقوم المتخصصون في المهنة بشغل وظائف الوعظ أو القضاء أو الإفتاء أو المحاماة أو التدريس في المعاهد الدينية والمدارس الحكومية. ويقوم المتخصصون في المادة بشغل وظائف التدريس في الكليات الثلاث. وأطلق على شهادتهم العَالِمية.

توجد أقسام غير نظامية يسمح فيها بدخول الطلبة الذين لم تتوافر فيهم شروط القبول بالأقسام النظامية، وكذلك أفراد الجمهور للتوسع في دراسة اللغة العربية والعلوم الدينية. وأجرت ثورة يوليو 1952م إصلاحات جذرية في الأزهر حيث تم تنظيم هيئاته وإقامة كليات للدراسات الإسلامية والعربية والطب والعلوم والتجارة والهندسة والإعلام.

وأوضح قانون إصلاح الأزهر أن القصد من ذلك تخريج الداعية المسلم الذي يحمل سلاح العلم الحديث والإيمان، ليساهم في نشر الإسلام والتمكين لدين الله في كل مجالات الحياة. كانت ومازالت تلك رسالة الأزهر الشريف وربما أضعف شح الإمكانات من فعالية هذه الرسالة لكنه لم يوهن عزيمة الحكومات المتعاقبة في دعمه والمحافظة عليه صرحًا شامخًا للعلم والعمل.

الأزهر ونضاله السياسي

هناك كثير من الأحداث التي تدل على دور الأزهر النضالي عبر العصور. فمن فوق منبر الأزهر، ومن أروقته وأبهائه علت صيحة الجهاد لمقاومة الصليبيين والتتار. ومن داخل الأزهر ـ أيضًا ـ انطلقت دعوة الجهاد ضد الحملة الفرنسية (1213هـ، 1798م). يقول الجبرتي: ¸ لما ظهرت غلبة الفرنساويين في القرن الثالث الهجري على مصر وملكوا قلاعها أرسل كبيرهم إلى مشايخ الأزهر مراسل، فلم يجيبوه، فعند ذلك ضربوا بالمدافع على البيوت والحارات، وتعمدوا ـ بالخصوص ـ الجامع الأزهر، أطلقوا عليه المدافع والبنادق، وعلى ماجاوره من الأماكن كالغورية والفحّامين، فضجّ أهل تلك الجهة ونادوا: ياخفيّ الألطاف نجّنا مما نخاف·.

كما قاد الأزهر ثورتين متواليتين ضد حملة نابليون، وهما: ثورة أكتوبر عام 1213هـ، 1798م، وثورة مارس عام 1215هـ، 1800م، مما جعل إقامة الحملة الفرنسية في مصر فكرة يائسة. وعن الثورة الأولى يقول دي لاجونكيير ـ أحد ضباط الحملة الفرنسية ـ ¸كانت الدعوة إلى الثورة تختلط جهارًا بأذان المؤذّنين يدعون إليها خمس مرات في اليوم مع كل صلاة·. أما المؤرخ الإنجليزي كريستوفر فرهيرولد، فيقول: ¸كان الأزهريون هم قادة الوطنية والفداء، وتزعم الثورة يوم نشوبها عالم أزهري شاب هو الشيخ بدر القُدسي، فقد نزل إلى الشارع وخطب في جمع غفير من الناس داعيًا كل مؤمنٍ بالله أن يذهب إلى الجامع الأزهر·.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير