وانتقل الشيخ الخليلي بعد ذلك إلى الحديث عن اتهام أتباع الدعوة بتكفير المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم وأورد عدة صفحات من كتاب " عنوان المجد في تاريخ نجد " للشيخ عثمان بن بشر للاستدلال بها في إثبات رأيه في هذا الموضوع (10) .. وأكرر هنا مرة أخرى بأن بحث المسائل الشرعية عموماً والعقيدة خصوصاً , والحكم على العمل الفلاني بأنه جائز أو بدعة , أو مخرج عن الإسلام يرجع فيه إلى العلماء المتخصصين , والاقتصار هنا على الناحية التاريخية بإيراد أقوال الطرفين , بيان خطأ المعارضين بذكرهم لأقوال الشيخ محمد – رحمه الله – في بعض المخالفين له دون ذكر أقوال هؤلاء بحق الشيخ محمد , وإيضاح بعض أفكارهم وكتاباتهم التي استوجبت حكم الشيخ عليهم , ومن ذلك كتابة الشيخ سليمان بن عبد الوهاب – قبل تأييده الدعوة – قي رده على أخيه الشيخ محمد في رسالة عرفت بعنوان " فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب " ومما جاء فيها تعليقه على استدلال الشيخ ببعض آيات محددة عن الشرك بقوله " من أين لكم أن المسلم الذي شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله إذ ا دعا غائباً أو ميتاً أو نذر له أو ذبح لغير الله أو تسمح بقبر أو أخذ من ترابه أن هذا هو الشرك الأكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه " (11).
ومنه أيضاً كلام سليمان بن سحيم في رسالته المرسلة إلى علماء الإحساء والحرمين والتي اعترض فيها على الشيخ محمد في عدة مسائل منها قوله " ومنها أنه يقطع بكفر الذي يذبح الذبيحة ويسمي عليها ويجعلها لله تعالى , ويدخل مع ذلك دفع شر الجن ويقول ذلك كفر واللحم حرام , فالذي ذكره العلماء في ذلك أنه منهي عنه فقط " (12).
وقد انتهج الشيخ الخليلي – عفا الله عنه – أسلوب الانتقاء من كلام الشيخ ابن بشر ونقل ما يناسبه من إثبات الدعوة في شدة معاملة أتباع الدعوة لمخالفيهم , وتعمد عدم ذكر خلفية الخلاف بين أتباع الدعوة وخصومهم , وأن الخصوم هم البادئون بالاعتداء , ومجابهة الدعوة والحيلولة دون وصول أفكارها إلى أطرافهم , فقد أشار إلى مسير أتباع الدعوة لقتال الظفير في عام 1178 هـ (13) , دون أن يشير إلى اعتداءات الظفير على أتباع الدولة السعودية , ومن ذلك قيامهم بغزو رغبة (14) , التابعة لحكومة الدرعية في عام 1165 هـ , ونهبهم أموال أهلها (15) , ومشاركتهم أمير الرياض دهام بن دواس في الهجوم على منفوحة المؤيد للدعوة الإصلاحية (16) , كما أشار إلى غزو الإمام عبدالعزيز بن محمد لإقليم الخرج (17) , دون الإشارة إلى موقف الأمير زيد بن زامل المعادي للدعوة , واتصالاته بأعدائه , وإرسال الإمام عبدالعزيز رسالة يخبره فيها بنبذ العهد والأمان الذي بينهما (18) , كما أشار الشيخ الخليلي أيضاً إلى قتال الدولة السعودية للأشراف دون الإشارة إلى موقف الأشراف من نجد وتدخلهم في شؤونها قبل الدعوة (19) , ومعارضتهم للدعوة الإصلاحية , وتكفيرهم لأتباعها وسجنهم للحجاج النجديين ووفاة بعضهم داخل السجن (20) , ودون الإشارة إلى قيام الشريف غالب قبل ذلك بسنتين بمهاجمة أتباع الدعوة من قحطان في عالية نجد , وتركهم بعد هزيمتهم يسيرون بنسائهم وأطفالهم في شدة الحر بدون ماء ولا رواحل (21) , ودون الإشارة أيضاً إلى أسلوب اللين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة المتمثلين في رسالتي إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله – إلى الشريف أحمد بن سعيد وإلى علماء مكة وجاء في رسالته – رحمه الله – إلى الشريف بعد البسملة قوله " المعروض لديك أدام الله فضل نعمه عليك حضرة الشريف أحمد بن الشريف أعزه الله في الله في الدارين وأعز به دين جده سيد الثقلين أن الكتاب لما وصل إلى الخادم وتأمل ما فيه من الكلام الحسن رفع يديه بالدعاء إلى الله بتأييد الشريف , لما كان قصده نشر الشريعة المحمدية ومن تبعها وعداوة من خرج عنها وهذا هو الواجب على ولاة الأمر , ولما طلبتم من ناحيتنا طالب علم امتثلنا الأمر و هو واصل إليكم ويحضر في مجلس الشرف أعزه الله تعالى وهو من علماء مكة , فإن اجتمعوا فالحمد لله على ذلك وإن اختلفوا أحضر الشريف كتبهم وكتب الحنابلة , والواجب على كل منا ومنهم أن يقصد بعلمه وجه الله ونصر لرسوله كما قال تعالى (وإذا أخذ الله ميثاق النبيين) , وقوله (لتؤمنن به
¥