11 - على دارس التوحيد أن يتشبّث بالأصول ويتمسّك بصحيح النّقول ولا يستسلم لكلّ ما قيل على خلاف الأصول ولو كان من أعلم أهل زمانه، فإنّ الحقّ لا يُعْرَف بالرّجال وإنّما يُعْرَف الرّجال بالحقّ، فمن وافق قوله الأصول فهو الحقّ ومن خالف قوله الأصول وجاء بوحشة في اللّفظ رددناه كائنا من كان، والنّاظر في كتب التّوحيد والمتتبع لأقوال العلماء يجد من حين لآخر بعض الهفوات التي لا يسلم منها أحد والكمال عزيز، وهي إمّا من منشأ الغلط أو التحريف، قال ابن تيمية - رحمه اللّه-:" ولكنّ بعض الخائضين بالتّأويلات الفاسدة يتشبّث بألفاظ تُنْقَلُ عن بعض الأئمّة وتكون إمّا غلطا أو مُحَرَّفَةً ". مجموع الفتاوى 5/ 409 وقال أيضا:" وما أكثر من يُحْتَجُّ به من المنتسبين إلَى علم أو عبادة بحجج ليست من أصول العلم وقد يُبْدِي ذوو العلم له مُسْتَنَدًا من الأدلّة الشّرعيّة، واللّه يعلم أنّ قوله لها وعمله بها ليس مُسْتَنِدًا إلى ذلك، وإنّما يذكرها دفعا لمن يُنَاظِرُهُ ". مجموع الفتاوى 4/ 194.
12 - ومن الإيمان باللّه الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والإتيان هرولة كما في الحديث الصحيح إتيان مطلق كمثل قوله تعالى:) أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ (الأنعام 158 فهو من فعل الربّ حقيقة لا مقيّد كمثل قوله تعالى:) أَتَاهَا أَمْرُنَا (يونس 24 فلْيعلم!! قال الترمذي - رحمه اللّه- عن حديث الهرولة:"هذا حديث حسن صحيح ويروى عن الأعمش في تفسير هذا الحديث من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا يعني بالمغفرة والرحمة وهكذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث قالوا إنما معناه يقول إذا تقرب إليّ العبد بطاعتي وما أمرت أسرع إليه بمغفرتي ورحمتي " سنن الترمذي 5/ 581، قال المباركفوري - رحمه اللّه-:" وكذا فسره النووي وغيره كما عرفت، قلت (المباركفوري): لا حاجة إلى هذا التأويل، قال الترمذي في باب فضل الصدقة بعد رواية حديث أبي هريرة: إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه إلخ، وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا قالوا قد تثبت الروايات في هذا ونؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف، هكذا روي عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة إلخ ". تحفة الأحوذي 10/ 47 وقال ابن رجب في تعليقه عن الحديث المذكور:" ومن فهم من شيء من هذه النصوص تشبيها أو حلولا أو اتحادا، فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله ورسوله - صلّى الله عليه وسلّم -، والله ورسوله بريئان من ذلك كلّه، فسبحان من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير ". جامع العلوم والحكم ص37، واللّه أعلم وصلّ اللّهمّ وسلّم على النبيّ الخاتم المعلّم.
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[04 - 05 - 08, 09:43 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعًا
الأخ الكريم .. أبو مسلم وفقك الله الأمر واضح جداً في إثبات هذه الصفة لله تعالى.
لكن ما بقي عندي هو في تحرير شيخ الإسلام ابن تيمية لها؟
ـ[أبو حمزة المقدادي]ــــــــ[05 - 05 - 08, 01:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وسددكم
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[09 - 05 - 08, 01:14 ص]ـ
وقد أثبتها الدارمي في رده على بشر المريسي، وأبو إسحق الحربي في غريب الحديث، وأبو موسى المديني في المجموع المغيث، وممن أثبتها القاضي أبو يعلى حيث قال معلقاً على هذا الحديث: لا يمتنع الاخذ بظاهر الاحاديث في إمرارها على ظواهرها من غير تأويل
بارك الله فيكم ..
أليس الإثبات أن نثبت كما ورد في الحديث مقيدة بالمقابلة؟
فالإثبات لما أطلقه النص بإثباته مطلقًا، وإثبات بقيد لما قيده النص. وقد جاء الحديث كذلك.
ـ[أم حنان]ــــــــ[09 - 05 - 08, 11:21 م]ـ
سئل الشيخ ناصر العقل حفظه الله عن صفة الهرولة في شرح لمعة الاعتقاد: فقال:
القاعدة الأولى: أن أي نص يأتي مقابل أفعال العباد بشكل صريح فإنه لابد أن يذكر لازمه، بمعنى أنه جاء ذكر المهرولة هنا مقابل المشي من العباد، ونحن نعلم أن هذا لم يعد تصويرا لعالم الغيب، بل فيه جزء من عالم الشهادة، ما هو عالم الشهادة الذي نعلمه؟ الذي نعلمه أن العباد حينما يعبدون الله -عز وجل- يعبدونه بالصلاة والصيام والحج وسائر العبادات، هذه تسمى مشيا إلى الله -عز وجل- يعني سيرا في طريق العبادة، ليس المشي بمعناه الكيفي الذي هو المشي بالأرجل فقط، فمن هنا أيضًا النص الذي جاء يقابله عرفنا أن من لوازمه أن هذا جاء من باب الجزاء، فيجازيه الله -عز وجل- بأعظم مما فعل، لكن كلمة هرولة أيضًا لها قاعدة ثانية، وهي أن مثل هذه الألفاظ هي حقائق عن الله -عز وجل- لا نثبتها لله على نحو ما هو معهود عند البشر؛ لأن الله -عز وجل- ليس كمثله شيء، لكن نثبت أنها حقيقة على ما يليق بجلال الله، إذن عندنا اللفظ وحقيقته، وعندنا لازم اللفظ، فلازم اللفظ معلوم؛ لأنه ربط العمل بالجزاء، فالعمل هو مشي العباد إليه -عز وجل- بالعبادات، والجزاء هو يعني أن الله -عز وجل- يضاعف لهم الجزاء.
الجانب الآخر أعود مرة ثانية للفظ هرولة: هذا من الألفاظ الغيبية، لا نخوض فيها، وهذا هو الذي ينطبق عليها قول الصحابة: «أمِرُّوها كما جاءت» ينطبق على مثل هذه الألفاظ المجملة المحتملة لمعانٍ، فهي حقيقة على ما يليق بجلال الله، والتشبيه الذي يتوهمه المئولة ممنوع قطعًا فمن هنا لا نزيد عن أن نقول: الله أعلم بمراده، وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم- حق على حقيقته.
http://www.islamacademy.net/Index.aspx?function=Item&id=3527&lang=Ar
¥