قوله (قديم بلا ابتداء) هذا اللفظ لم يرد في أسماء الله الحسنى كما نبه الشارح رحمه الله وغيره، وإنما ذكره كثير من علماء الكلام ليثبتوا به وجوده قبل كل شيء وأسماء الله توقيفية لا يجوز إثبات شيء منها إلا بالنص من الكتاب العزيز أو السنة الصحيحة، ولا يجوز إثبات شيء منها بالرأي كما نص على ذلك أئمة السلف الصالح، ولفظ القديم لا يدل على المعنى الذي أراده أصحاب الكلام، لأنه يقصد به في اللغة العربية المتقدم على غيره وإن كان مسبوقا بالعدم كما في قوله سبحانه) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (يّس:39) وإنما يدل على المعنى الحق بالزيادة التي ذكرها المؤلف وهو قوله (قديم بلا ابتداء) ولكن لا ينبغي عده في أسماء الله الحسنى، لعدم ثبوته من جهة النقل ويغني عنه اسمه سبحانه الأول كما قال عز وجل:) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) (الحديد: من الآية3) الآية والله ولي التوفيق.
وكذا قال العلامة الألباني رحمه الله عزوجل:
في نفس الموضع فى التعليق على الطحاوية:
اعلم أنه ليس من أسماء الله تعالى: (القديم) وإنما هو من استعمال المتكلمين فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن - هو المتقدم على غيره فيقال: هذا قديم للعتيق وهذا جديد للحديث ولم يستعملوا هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره لا فيما لم يسبقه عدم كما قال تعالى: (حتى عاد كالعرجون القديم) [يس: 39] والعرجون القديم: الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني فإذا وجد الجديد قيل للأول قديم وإن كان مسبوقا بغيره كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (1/ 245) والشارح في " شرحه " لكن أفاد الشيخ ابن مانع هنا فيما نقله عن ابن القيم في " البدائع " أنه يجوز وصفه سبحانه بالقدم بمعنى أنه يخبر عنه بذلك وباب الأخبار أوسع من باب الصفات التوقيفية. ا. هـ
كل هذا في اعتصام السلف بالألفاظ الشرعية فى بابي الأسماء والصفات،لذا قال الشيخ عمر سليمان الأشقر (22) (أقول والأفضل في باب الإخبار أن يُصار إلي اللفظ الوارد في الكتاب والسنة عند وجود مثل هذا اللفظ، فنقول: الأول بدل القديم، ونقول القيوم بدل القيام بالنفس، ونقول الآخر بدل الأزلي والأبدي، فالتعبير بالمنصوص أولى و أحري) أ. هـ
و الله عزوجل أعلى واعلم وأعز وأحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(1) تاج العروس
(2) الفروق اللغوية
(3) بكل أنواعها السابق ذكرها
(4) ويكون بذلك دخل فيه الأسماء والصفات وزاد عليها
(5) أخرجه مسلم 2699
(6) متفق عليه من عبد الله بن أبى أوفى 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
(7) شرح العقيدة السفارينية صـ167،166
(8) مجموع الفتاوى جـ6 ص143:141
(9) ألفاظ تدل على الكمال لكن تحمل النقص بالتقدير الذهني كالمتكلم، والمريد، والفاعل والشائي (الذي يشاء)
مثاله: المتكلم قد يتكلم بخير وقد يتكلم بشر فلا يسمى الله به لأن أسماءه لا تحمل النقص ولو بالتقدير.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الأصفهانية ص 5: (وأما تسميته سبحانه بأنه مريد وأنه متكلم فإن هذين الاسمين لم يردا في القرآن ولا في الأسماء الحسنى المعروفة، ومعناهما حق، ولكن الأسماء الحسنى المعروفة هى التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها والعلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك هي في نفسها صفات مدح والأسماء الدالة عليها أسماء مدح وأما الكلام والإرادة فلما كان جنسه ينقسم إلى محمود كالصدق والعدل وإلى مذموم كالظلم والكذب والله تعالى لا يوصف إلا بالمحمود دون المذموم جاء ما يوصف به من الكلام والإرادة في أسماء تخص المحمود كاسمه الحكيم والرحيم والصادق والمؤمن والشهيد والرؤوف والحليم والفتاح ونحو ذلك 0
فلهذا لم يجىء في أسمائه الحسنى المأثورة المتكلم المريد ا0هـ باختصار المُجلى د كاملة الكوارى0
(10) بدائع الفوائد جـ1 صـ170،169
(11) بدائع الفوائد جـ1 صـ170
(12) مدارج السالكين جـ 3 صـ416،415
(13) راجع كلام الشيخ العثيمين ’
(14) راجع كلام ابن تيمية ’ وابن القيم ’ ((باب الأخبار أوسع من باب الصفات، وما يطلق عليه من الأخبار؛ لا يجب أن يكون توقيفياً؛ كالقديم، والشيء، والموجود .... )) ().
(15) كما سبق
(16) راجع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية
(17) انظر رقم 1
(18) مجموع الفتاوى جـ3 صـ41
(19) مجموع الفتاوى جـ6 صـ 36
(20) شرح العقيدة الطحاوية
(21) التعليق على الطحاوية
(22) أسماء الله وصفاته في معتقد أهل السنة والجماعة صـ133
ـ[أبو هداية]ــــــــ[27 - 01 - 08, 05:13 م]ـ
أحسنت ..
أحسن الله إليك وإلى والديك وكل من له حق عليك، وبورك فيك كما بورك في الزيت أكلاً ودهناً وإضاءةً في المنزل.
استفدت من موضوعك أيما فائدة.
¥