ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[29 - 01 - 06, 08:32 م]ـ
51– قال الحافظ 8/ 632 - 633: قال: "قال الخطابي": إطلاق العجب على الله محال، ومعناه الرضا؛ فكأنه قال: إن ذلك الصنيع حل من الرضا عند الله حلول العجب عندكم، قال: وقد يكون المراد بالعجب هنا أن الله يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة، قال: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة.
قلت: ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري.
قال الخطابي: وتأويل الضحك بالرضا أقرب من تأويله بالرحمة؛ لأن الضحك من الكرام يدل على الرضا؛ فإنهم يوصفون بالبشر عند السؤال ... ".
حديث رقم 4889
قال الشيخ البراك: القول في العجب والرضا والضحك كالقول في سائر الصفات، والواجب إثباتها لله حقيقة على ما يليق به سبحانه.
وقول الخطابي: "إطلاق العجب على الله محال" يقتضي نفي صفة العجب عن الله تعالى، وصفة العجب ثابتة في الكتاب والسنة كما قال تعالى: " بل عجبتُ " بضم التاء على إحدى القراءتين، ومن السنة هذا الحديث، والعجب المثبت لله تعالى ليس كعجب المخلوق الذي منشأه أحيانا خفاء السبب؛ كما قيل: إذا ظهر السبب بطل العجب، وهذا النوع من العجب ممتنع على الله تعالى؛ لأنه لا تخفى عليه خافية، ولكن العجب من الله تعالى يدل على عظم الشيء وتميزه على أمثاله فيما يوجب مدحًا أو ذمًا.
وانظر التعليق (20) و (24).
52 – قال الحافظ 8/ 664: قال: " لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء ".
حديث رقم 4919
قال الشيخ البراك: لفظ الأعضاء والجوارح من الألفاظ المحدثة في صفات الله تعالى، ولم يأت في الكتاب ولا في السنة إطلاق نفيها ولا إثباتها، ونفيها من الألفاظ المجملة؛ فمن أراد بذلك نفي التجزؤ عن الله تعالى فهو حق، ولكن اللفظ محدث، ومن أراد نفي حقيقة اليدين والعينين والساق والقدم فهو مبطل، وهذه الصفات لله تعالى لا يقال لها أعضاء ولا جوارح؛ لما في هذا اللفظ من الاحتمال الذي يتوصل به المعطل إلى مراده.
وقوله في هذا الحديث: "يكشف ربنا عن ساقه" نص في إثبات الساق لله تعالى، والقول فيه كالقول في سائر صفاته تعالى، والآية وإن لم تكن نصا في إثبات صفة الساق لأنها جاءت بلفظ التنكير فالحديث مفسر لها.
وإن صح أن يُختلف في دلالة الآية، فلا يصح أن يختلف في دلالة الحديث. وتأويل الساق في الحديث بالقدرة هو من سبيل أهل التأويل من النفاة لتلك الصفات، وهم بهذا التأويل يجمعون بين التعطيل والتحريف. وأهل السنة يمرون هذه الصفات على ظاهرها مؤمنين بما دلت عليه، ولا يكيفون ولا يمثلون صفاته سبحانه بصفات خلقه.
53 – قال الحافظ 8/ 703: قال: "وإسناد الاطمئنان إلى الله من مجاز المشاكلة، والمراد به لازمه من إيصال الخير ونحو ذلك ... ".
وذلك في كلامه في كتاب التفسير، سورة والفجر، باب 89.
قال الشيخ البراك: يقال: إسناد الاطمئنان إلى الله تعالى هو من لفظ الحسن البصري رحمه الله تعالى، والبخاري رحمه الله تعالى مقرر له، وخير ما يحمل عليه هذا اللفظ ما جاء في الحديث الصحيح: "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه"؛ وذلك عند الموت كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لعائشة رضي الله عنها، وعلى هذا فلا وجه لدعوى المجاز.
54 – قال الحافظ 9/ 69: قال: " وقال القرطبي: أصل الأذن بفتحتين أن المستمتع يميل بأذنه إلى جهة من يسمعه، وهذا المعنى في حق الله لا يراد به ظاهره، وإنما هو على سبيل التوسع على ما جرى به عرف المخاطب، والمراد به في حق الله تعالى إكرام القارئ وإجزال ثوابه؛ لأن ذلك ثمرة الإصغاء ... ".
حديث رقم 5023
قال الشيخ البراك: الأذن في معناه ثلاثة وجوه: منها ما هو حق، ومنها ما هو باطل؛ لأنه صرف للكلام عن ظاهره بغير دليل، ومنها ما لا يصح الجزم بإثباته و لا نفيه.
فالأول: هو الاستماع؛ وهو ثابت بالقرآن لقوله تعالى: "إنّا معكم مستمعون" وهذا هو الصواب في تفسير الأذن؛ فمعنى: "ما أذن الله " أي: ما استمع.
والثاني: تفسير الأذَن بإكرام القارئ؛ فإنه يتضمن نفي حقيقة الاستماع إلى الله عز وجل، مع مخالفته لمعنى الأذن في اللغة.
¥