ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[31 - 03 - 06, 05:39 م]ـ
102 – (13/ 368) قال الحافظ: "وفي الحديث إثبات اليمين صفة لله تعالى من صفات ذاته وليست جارحة، خلافًا للمجسمة. انتهى ملخصا ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7382، كتاب التوحيد، باب 6.
قال الشيخ البراك: لفظ الجارحة في صفات الله تعالى لفظ محدث؛ فلم يرد في الكتاب والسنة نفيه ولا إثباته، ولهذا أهل السنة يثبتون اليدين والعينين ونحوهما من الصفات لله تعالى، ويقولون: إن ذلك حقيقة، ولا تماثل صفات المخلوقين، ولا يقولون في هذه الصفات إنها ليست جارحة؛ لأنه لفظ محدث ومجمل، والغالب على من يقول عن هذه الصفات أنها ليست جارحة نفي حقائقها، ثم إما أن يثبت ألفاظها ويفوض معانيها، وإما أن يتأولها بخلاف ظاهرها كتأويل اليدين بالقدرة، والعينين بالرؤية، ومن أثبت هذه الصفات لله تعالى على حقيقتها اللائقة به سبحانه وقال: إنها ليست بجارحة، وأراد بالجارحة ما يماثل صفات المخلوقين فقد أصاب فيما أراد من النفي، ولكنه أخطأ في التعبير عن ذلك بلفظ محدث مجمل يحتمل حقاً وباطلاً.
وانظر التعليقات (2) و (6) و (13) و (53)
103 – (13/ 374 - 375) قال الحافظ: "وليس المراد قرب المسافة؛ لأنه منزه عن الحلول كما لا يخفى، ومناسبة الغائب ظاهرة من أجل النهي عن رفع الصوت ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7386، كتاب التوحيد، باب 9.
قال الشيخ البراك: القرب في هذا الحديث هو القرب الخاص؛ وهو قربه سبحانه من عابديه وداعيه، ولا يلزم من هذا القرب حلول الرب سبحانه في شيء من المخلوقات، كما لا يلزم من نزوله سبحانه إلى السماء الدنيا كل ليلة علو سائر السماوات عليه؛ بل هو العلي الأعلى، وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء؛ فعلوه سبحانه فوق المخلوقات من لوازم ذاته، فنزوله وقربه لا ينافي علوه، بل هو سبحانه عال في دنوه قريب في علوه، فلا يقاس بخلقه، ولا يلزم من صفاته سبحانه ما يلزم في صفات المخلوقين، وعلى هذا فقوله: "وليس المراد قرب المسافة" احتراز لا حاجة إليه، وتقييد لا موجب له؛ لأنه مبني على أن قربه يستلزم الحلول، وهو ممنوع كما تقدم.
104 – (13/ 377) قال الحافظ: "وجواز اشتقاق الاسم له تعالى من الفعل الثابت".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7391، كتاب التوحيد، باب 11.
قال الشيخ البراك: هذا لا يصح على الإطلاق؛ فالقاعدة الصحيحة أن كل اسم من أسماء الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة متضمن لصفة من الصفات خلافاً للمعتزلة، وأما الصفات الفعلية فلا يشتق لله تعالى من كل صفة اسم؛ فلا يطلق على الله تعالى المدمر والمدمدم، والغاضب، والراضي لثبوت هذه الأفعال في حقه سبحانه تعالى، لكن ما ورد من الأسماء مشتق من بعض أفعاله وجب إثباته والاقتصار عليه؛ مثل: الخلاق، والرزاق، ومقلب القلوب.
وقد يسهل فيما مطلقه مدح من الأفعال؛ كالمنعم والمحسن من الإنعام والإحسان، وقد ورد لفظ المحسن في بعض الأحاديث.
105 – (13/ 379) قال الحافظ: "قوله: (باب السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها) قال ابن بطال: مقصوده بهذه الترجمة تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 13.
قال الشيخ البراك: الجزم بأن هذا هو مقصود البخاري فيه نظر، ولم يذكر ابن بطال دليلاً على ما قال. نعم المراد بالأسماء في قول البخاري: السؤال بأسماء الله المسمى بها؛ فالمراد بقول الداعي: يا الله، يا رحمن، يا حي، يا قيوم: المسمى بهذه الأسماء، وهو رب العالمين، ولا يلزم من ذلك تصحيح البخاري للقول بأن الاسم هو المسمى مطلقاً؛ فإن الصواب في هذه المسألة أن الاسم قد يراد به المسمى، وقد يراد به غير المسمى، وهو اللفظ كقولك: الله مشتق، وأصله الإله، والرحمن عربي.
فأسماء الله تعالى إذا وردت في سياق الدعاء والاستعاذة فالمراد بها المسمى، وإذا وردت في مقام التعداد واختلاف الدلالات فالمراد بها الأسماء الدالة على المسمى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "إن لله تسعًا وتسعين اسمًا".
وقول ابن بطال: "فلذلك صحت الاستعاذة بالاسم كما تصح بالذات" هذا يقتضي أن الأصل في الاستعاذة الاستعاذة بذات الله تعالى؛ كأن يقول: أعوذ بذات الله. وهذا اللفظ لم يرد، نعم ورد معناه في قوله صلى الله عليه وسلم: "وأعوذ بك منك"، وأما غالب ما ورد من ألفاظ الاستعاذة فبأسماء الله وصفاته.
وقوله: "ويطلق الاسم ويراد به التسمية …إلخ" فيه نظر كذلك؛ فإن التسمية هي فعل المسمِّي، وهو وضع الاسم للمسمى، أو إطلاق الاسم على من سمي به. إذن فالأمور ثلاثة: 1 - الاسم: وهو اللفظ الدال.
2 - والمسمى: وهو المدلول.
3 - والتسمية: هي وضع الاسم للمسمى أو إطلاقه عليه كما تقدم.
وبهذا يعلم أنه ليس المراد بالاسم في حديث الأسماء: التسمية، خلافاً لما قال ابن بطال، بل المراد اللفظ الدال على ذات الرب، وصفته سبحانه كالعزيز، والحكيم، والسميع، والبصير.
فأسماء الله كلها دالة على ذاته، وكل اسم دال على صفة من صفاته؛ فهي متحدة في دلالتها على الذات متعددة متباينة في دلالتها على الصفات.
¥