ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[01 - 04 - 06, 10:11 م]ـ
106 – (13/ 382) قال: "قال ابن بطال: أسماء الله تعالى على ثلاثة أضرب .... والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل أن صفات الذات قائمة به، وصفات الفعل ثابتة له بالقدرة، ووجود المفعول بإرادته جل وعلا ... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7402، كتاب التوحيد، باب 14.
قال الشيخ البراك: في هذا الكلام عدة مآخذ:
الأول: قوله:"أحدها يرجع إلى ذاته وهو الله": فإنه يقتضي أن هذا الاسم (الله) لا يدل إلا على ذات الرب سبحانه، ولا يدل على صفة؛ لأنه اسم جامد غير مشتق.
والصواب أنه مشتق من (أله) بمعنى: عبد، وأن أصل (الله): الإله، فحذفت الهمزة، وأدغمت اللام في اللام مفخمة، فمعناه: الإله أي المعبود، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: الله ذو الألوهية، وعلى هذا فهو دال على ذات الرب سبحانه وصفة الألوهية. ومع ذلك فهو عَلَم على الرب تعالى لا يطلق على سواه.
الثاني: قوله: "والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل ... إلخ": هذا الفرق مضمونه: أن الصفات الفعلية لا تقوم به سبحانه، وهذا هو المعروف من مذهب الأشاعرة الذين لا يثبتون إلا سبعًا من الصفات، وما عداها يفسرونه ببعض الصفات السبع كالقدرة والإرادة، أو يفسرونه ببعض المفعولات أي المخلوقات؛ مثل المحبة، والرضا، والغضب، فإنهم يفسرونها إما بالإرادة أو ببعض المفعولات من النعم والعقوبات، فعندهم أنه تعالى لا يقوم به ما تتعلق به مشيئته.
ومذهب أهل السنة والجماعة أن صفات الله الفعلية قائمة به كالصفات الذاتية، والفرق بينهما أن الصفات الذاتية لا تتعلق بها المشيئة، فلا تنفك عنه سبحانه؛ مثل حياته وقدرته، ومثل وجهه ويديه سبحانه وتعالى.
وأما الصفات الفعلية: فهي التي تتعلق بها المشيئة؛ مثل استوائه على عرشه ونزوله إلى السماء الدنيا، ومثل محبته ورضاه.
ومن صفاته تعالى ما هو ذاتي وفعلي كالخلق والكلام؛ فإنه لم يزل خالقًا، ويخلق ما شاء إذا شاء، ولم يزل متكلمًا إذا شاء بما شاء، كيف شاء.
الثالث: قول ابن بطال: "وصفات الفعل ثابتة بالقدرة ... إلخ": تقدم أنه هذا يقتضي أن صفات الفعل غير قائمة به، وإذا لم تقم به فكيف يقال: إنها صفات له؟ إذ لا يعقل أن تقوم الصفة بغير الموصوف، وأن يوصف الشيء بغير ما قام به، والحقيقة أنهم لا يثبتون الصفات الفعلية لله تعالى؛ فإطلاقهم صفات الفعل لا حقيقة له، فهم لا يثبتون إلا الفاعل والمفعول؛ كالخالق والمخلوق، ولا يثبتون (الخلق) الذي هو فعل الرب سبحانه. والصواب: إثبات الفعل والفاعل والمفعول.
107 – (13/ 383) قال الحافظ: "والصواب الإمساك عن أمثال هذه المباحث والتفويض إلى الله في جميعها، والاكتفاء بالإيمان بكل ما أوجب الله في كتابه أو على لسان نبيه إثباته له أو تنزيهه عنه على الإجمال، وبالله التوفيق".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7402، كتاب التوحيد، باب 12.
قال الشيخ البراك: مقصوده ـ رحمه الله تعالى ـ الإمساك عن تأويل نصوص الصفات، وهو تفسيرها بما يخالف ظاهرها، وهذا في حد ذاته سديد؛ لأنه ترك للتأويل الباطل، ولكنه في مقابل ذلك رجح التفويض، وحقيقته: الإعراض عن فهم النصوص، والإيمان بلفظها وتفويض علم معانيها إلى الله تعالى؛ فالإثبات الذي يجب الإيمان به عند المفوضة هو إثبات ألفاظ النصوص دون إثبات ما يدل عليه ظاهرها من الصفات، بل ينفون ما يدل عليه ظاهرها، ومع ذلك يقولون: يجب إجراء النصوص على ظاهرها فيتناقضون، وبذلك يتبين أنه لا فرق بين أهل التأويل وأهل التفويض من حيث نفيهم للصفات التي دلت عليها النصوص من الكتاب والسنة. لكن أهل التأويل يفسرون النصوص بخلاف ظاهرها، وأهل التفويض يمسكون عن ذلك، ولا يثبتون ما تدل عليه. فالمذهبان باطلان، والحق ما عليه أهل السنة والجماعة؛ وهو إثبات ما تدل عليه هذه النصوص من صفات الله تعالى مع نفي مماثلة المخلوقات، وتفويض علم كيفيتها إلى الله تعالى.
108 – (13/ 384) قال الحافظ: قال الراغب: نفسه: ذاته ... وقيل: إن إضافة النفس هنا إضافة ملك، والمراد بالنفس نفوس عباده. انتهى ملخصًا، ولا يخفى بعد الأخير وتكلفه".
¥