قال الشيخ البراك: ما قاله الراغب في تفسير النفس هو الصواب، والقول الثاني، وهو:"إن إضافة النفس هنا إضافة ملك ... إلخ" هو قول باطل؛ لأنه خلاف الآيات التي ورد فيها ذكر النفس، وقد أحسن الحافظ في قوله: "ولا يخفى بعد الأخير وتكلفه".
وقول الراغب: "سبحانه وتعالى عن الاثنينية من كل وجه": هذه من عبارات المعطلة لجميع الصفات كالمعتزلة؛ يقصدون بها أن الله تعالى ليس إلا ذاتًا مجردة عن جميع الصفات؛ لأن إثبات الصفات عندهم يلزم منه التعدد في ذاته. وهذه تنافي حقيقة التوحيد عندهم. وقولهم هذا مخالف للعقل والشرع؛ فقيام الصفات بالموصوف وتعددها لا ينافي أنه واحد؛ فالله تعالى بصفاته إله واحد.
109 - (13/ 384 – 385) قال الحافظ: "وقيل: غيرة الله كراهة إتيان الفواحش؛ أي عدم رضاه بها لا التقدير، وقيل: الغضب لازم الغيرة، ولازم الغضب إرادة إيصال العقوبة".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7403، كتاب التوحيد، باب 15.
قال الشيخ البراك: لا ريب أن غيرة الله سبحانه من الفعل تتضمن كراهته له، والغضب على فاعله، وهذا يدل على قبح الفعل عنده سبحانه، ولذلك يحرمه على عباده. يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن". والغيرة والكراهة والغضب صفات ثابتة لله تعالى على ما يليق به، وتأويلها بإرادة إيصال العقوبة هي طريقة الأشاعرة الذين لا يثبتون إلا الصفات السبع - ومنها الإرادة - ومعنى ذلك أنه لا يوصف عندهم بهذه الصفات على حقيقتها.
وقوله: "لا التقدير": يظهر أن في هذه اللفظة تصحيف، وأن أصلها: "لا التغير"؛ فإن ذلك هو المناسب لمادة الغيرة.
وانظر التعليق (55)
110 – (13/ 385) قال الحافظ: "والله منزه عن الحلول في المواضع؛ لأن الحلول عرض يفنى وهو حادث، والحادث لا يليق بالله .... ".
وقال ابن التين: "معنى العندية في هذا الحديث العلم بأنه موضوع على العرش ".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7405، كتاب التوحيد، باب 15.
قوله صلى الله عليه وسلم "وهو وَضْعٌ عنده على العرش": هذا عند أهل السنة المثبتين لعلو الله على خلقه واستوائه على عرشه ليس بمشكل، بل هذا من أدلتهم على أن الله عز وجل بذاته فوق العرش، وأن هذا الكتاب عنده سبحانه فوق العرش، ولا يلزم من ذلك محذور في حقه سبحانه؛ لا حلول ولا حصر في شيء من مخلوقاته.
وإنما يُشْكِل هذا الحديث وأمثاله مِنْ وصْفِ بعض المخلوقات بأنها عنده على نفاة العلو والاستواء كالأشاعرة؛ فمن قال منهم بأنه سبحانه في كل مكان فقد تناقض أعظم تناقض، ومن قال منهم إنه لا داخل العالم ولا خارجه فقد وصف الله بالعدم؛ فإنه لا يوصف بذلك إلا المعدوم.
وقول ابن بطال وابن التين في تفسير الكتاب والعندية بالعلم في هذا الحديث هو من التأويل المذموم الذي حقيقته صرف الكلام عن ظاهره بغير حجة صحيحة؛ فقد جريا في ذلك على مذهب أهل التعطيل من نفاة العلو، وهو مذهب باطل تضمن التعطيل والتحريف؛ تعطيل الله عز وجل عن ما يجب إثباته له من علوه على خلقه، وتحريف النصوص الدالة على ذلك. ومذهب أهل السنة بريء من هذا وهذا.
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[02 - 04 - 06, 08:30 م]ـ
111 – (13/ 386) قال الحافظ: "قوله: فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سرًا ذكرته بالثواب والرحمة سرًا، وقال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون مثل قوله تعالى: "فاذكروني أذكركم" ومعناه: اذكروني بالتعظيم أذكركم بالإنعام".
وذلك في كلامه على حديث رقم 7405، كتاب التوحيد، باب 15.
قال الشيخ البراك: هو من الأدلة على أن الجزاء من جنس العمل. والذكر من حيث هو يكون بالقول والفعل، وهو في مثل هذا السياق أظهر في القول، بل حمله على القول في هذا الحديث متعين، لقوله:"في نفسه ... في نفسي" وقوله: "في ملأ ... في ملأ خير منهم"، فبان بذلك أن الله تعالى يذكر عبده بكلام في نفسه، أي بدون أن يُعلم بذلك أحدًا من ملائكته، وقد يذكره بشهود من شاء من ملائكته مثل ثنائه عليه، والإخبار بأنه يحبه كما في الحديث المشهور: "إذا أحب الله عبدًا نادى جبريلَ إن الله يحب فلانًا فأحبه ... " وبهذا يتبين أن تأويل ذكر الله لعبده بالرحمة والثواب، أو الإنعام صرف للكلام عن ظاهره بلا حجة، وكأن الذي قال ذلك يذهب إلى أن الله تعالى لا يتكلم بكلام
¥