تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال أبو معاذ: كذب عدو اللّه. إن اللّه في السماء على العرش كما وصف نفسه.

وهذا صحيح عنه، وأوّل من عرف عنه في هذه الأمة أنه نفى أن يكون اللّه في سمواته على عرشه هو جهم بن صفوان، وقبله الجعد بن درهم، ولكن الجهم هو الذي دعا إلى هذه المقالة وقررها وعنه أخذت.

فروى ابن أبي حاتم وعبد اللّه بن أحمد في كتابيهما في السنّة، عن شجاع ابن أبي نصر أبي نعيم البلخي وكان قد أدرك جهماً قال: كان لجهم صاحب يكرمه ويقدمه على غيره، فإذا هو قد وقع به فصيح به وبدر به، وقيل له: لقد كان يكرمك. فقال: إنه قد جاء منه ما لا يحتمل بينما هو يقرأ طه والمصحف في حجره، فلما أتى على هذه الآية: " الرحمن على العرش استوى " فقال: لو وجدت السبيل إلى أن أحكها من المصحف لفعلت، فاحتملت هذه ثم أنه بينما هو يقرأ آية إذ قال: ما أظرف محمداً حين قالها، ثم بينما هو يقرأ " طسم القصص " والمصحف في حجره إذ مر بذكر موسى عليه الصلاة والسلام، فدفع المصحف بيديه ورجليه وقال: أي شيء هذا؟ ذكره ههنا، فلم يتم ذكره. فهذا شيخ النافين لعلو الرب على عرشه ومباينته من خلقه.

وذكر ابن أبي حاتم عنه بإسناده عن الأصمعي قال: قدمت امرأة جهم، فقال رجل عندها: اللّه على عرشه، فقالت: محدود على محدود، فقال الأصمعي: هي كافرة بهذه المقالة، أما هذا الرجل وامرأته فما أولاه بأن: سيصلى ناراً ذات لهب وإمرأته حمالة الحطب.

قول إسحاق بن راهويه، إمام أهل المشرق نظير أحمد رحمهما الله تعالى: قال حرب بن إسماعيل الكرماني صاحب أحمد: قلت لإسحاق بن راهوية: قول اللّه عز وجل: " ما يَكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " كيف تقول فيه؟ قال: حيث ما كنت، فهو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه، ثم قال: وأعلى كل شيء من ذلك وأثبته قول اللّه عز وجل: " الرحمن على العرش استوى ".

وقال الخلال في كتاب السنّة: أخبرنا أبو بكر المروزي، حدثنا محمد بن الصباح النيسابوري، حدثنا سليمان بن داود الخفاف قال: قال إسحاق بن راهويه، قال اللّه عز وجل: " الرحمن على العرش استوى " إجماع أهل العلم أنه فوق العرش استوى، ويعلم كل شيء أسفل الأرض السابعة، وفي قعور البحار، ورؤوس الجبال، وبطون الأودية. وفي كل موضع كما يعلم ما في السموات السبع، وما دون العرش أحاط بكل شيء علماً، ولا تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض إلا وقد عرف ذلك كله وأحصاه، لا يعجزه معرفة شيء عن معرفة غيره.

وقال السراج: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: دخلت يوماً على طاهر بن عبد الله وعنده منصور بن طلحة فقال لي منصور: يا أبا يعقوب تقول: إن اللّه ينزل كل ليلة، قلت له: ونؤمن به إذ أنت لا تؤمن أن اللّه في السماء لا تحتاج أن تسألني، فقال طاهر: ألم أنهك عن هذا الشيخ؟.

ذكر قول حافظ الإسلام يحيى بن معين رحمه الله تعالى: روى ابن بطة عنه في الابانة بإسناده قال: إذا قال لك الجهميّ: كيف ينزل؟. فقل: كيف يصعد؟ قول الإمام حافظ أهل المشرق، وشيخ الأئمة عثمان بن سعيد الدارمي رحمه اللّه تعالى: قال فيه أبو الفضل الفرات: ما رأيت مثل عثمان بن سعيد، ولا رأى عثمان مثل نفسه. أخذ الأدب عن ابن الأعرابي، والفقه عن البويطي، والحديث عن يحيى بن معين وعلي بن المديني، وأثنى عليه أهل العلم، صاحب كتاب الرد على الجهمية والنقض على بشر المريسي.

وقال في كتابه النقض على بشر. وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن اللّه تعالى فوق عرشه، فوق سمواته لا ينزل قبل يوم القيامة إلى الأرض، ولم يشكوا أنه ينزل يوم القيامة ليفصل بين عباده، ويحاسبهم ويثيبهم، وتشقق السموات يومئذ لنزوله، وتنزل الملائكة تنزيلاً، ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية. كما قال الله به سبحانه، ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلما لم يشك المسلمون أن اللّه لا ينزل إلى الأرض قيل يوم القيامة لشيء من أمور الدنيا. علموا يقيناً أن ما يأتي الناس من العقوبات إنما هو أمره وعذابه، فقوله: " فأتى اللّه بنيانهم من القواعد " إنما هو أمره وعذابه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير