تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

توفي الإمام ابن خزيمة سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، ذكره الشيخ أبو إسحق الشيرازي في طبقات الفقهاء، أخذ الفقه عن المزني. قال المزني: ابن خزيمة هو أعلم بالحديث مني، ولم يكن في وقته مثله في العلم بالحديث والفقه جميعاً، وقال في كتابه: فمن ينكر رؤية الله تعالى في الآخرة، فهو عند المؤمنين شر من اليهود والنصارى والمجوس، وليسوا بمؤمنين عند جميع المؤمنين.

قول إمام الشافعية في وقته سعد بن علي الزنجاني: صرّح بالفوقية بالذات فقال: وهو فوق عرشه بوجود ذاته. هذا لفظه، وهو إمام في السنّة له قصيدة فيها معروفة أولها:

تمَسّكْ بحبْل اللَّهِ واتَّبَع الأثَرَ ... ودَعْ عَنكَ رأياً لا يلائمه خبَر

وقال في شرح هذه القصيدة: والصواب عند أهل الحق أن الله تعالى خلق السموات والأرض، وكان عرشه على الماء مخلوقاً قبل خلق السموات والأرض، ثم استوى على العرش بعد خلق السموات والأرض على ما ورد به النص، ونطق به القرآن، وليس معنى استوائه أنه مَلَكه واستولى عليه، لأنه كان مستولياً عليه قبل ذلك، وهو أحدثه لأنه مالك جميع الخلائق ومستول عليها، وليس معنى الاستواء أيضاً أنه ماسّ العرش، أو اعتمد عليه، أو طابقه فإن كل ذلك ممتنع في وصفه جل ذكره، ولكنه مستو بذاته على عرشه بلا كيف كما أخبر عن نفسه.

وقد أجمع المسلمون على أن الله هو العلي الأعلى، ونطق بذلك القرآن بقوله تعالى: " سبِّح اسْمَ ربِّك الأعلى " سورة الأعلى آية 1. وأن لله علو الغلبة، والعلو الأعلى من سائر وجوه العلو، لأن العلو صفة مدح عند كل عاقل، فثبت بذلك أن للّه علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر والغلبة، وجماهير المسلمين، وسائر الملل قد وقع منهم الإجماع على الإشارة إلى اللّه جل ثناؤه من جهة الفوق في الدعاء والسؤال، فاتفاقهم بأجمعهم على الإشارة إلى اللّه سبحانه من جهة الفوق حجة، ولم يستجز أحد الإشارة إليه من جهة الأسفل، ولا من سائر الجهات سوى جهة الفوق.

وقال تعالى: " يَخافُونَ ربّهُم مِنْ فَوْقِهِم " سورة النحل آية 50.

وقال تعالى: " إليهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطيّبُ والعَمَلُ الصَالِحُ يَرْفَعُه " سورة فاطر آية 10.

وقال تعالى: " تَعْرُجُ الملائِكَةُ والروحُ إليْه " سورة المعارج آية 4. وأخبر عن فرعون أنه قال: " يا هَامانُ ابْنِ لي صَرْحاً لَعَلّي أبْلُغُ الأسْبابَ، أسْبابَ السّمواتِ فاطّلِعُ إلى إلَهِ مُوسَى وإنِّي لأظنه كاذِباً " سورة غافر آية 36 - 37. وكان فرعون قد فهم عن موسى أنه يثبت إلهاً فوق السماء، حتى رام بصرحه أن يطلع إليه، واتهم موسى بالكذب في ذلك، ومخالفنا ليس يعلم أن الله فوقه بوجود ذته، فهو أعجز فهماً من فرعون.

وقد صحّ عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أنه سأل الجارية التي أراد مولاها عتقها: أين الله؟ قالت: في السماء، وأشارت برأسها. وقال: من أنا؟ قال: أنت رسول اللّه، فقال: أعتقها فإنها مؤمنة، فحكم النبيُ صلى الله عليه وسلم بإيمانها حين قالت: إن اللّه في السماء. وقال اللَهُ عز وجل: " ثمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْش " سورة الفرقان آية 59. وقال تعالى: " يُدبِّرُ الأمرَ مِنَ السماءِ إلى الأرْض ثمَّ يَعْرُج إليه " سورة السجدة آية 5. وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما بين كل سماء إلى سماء، وما بين السماء السابعة وبين العرش، ثم قال: اللّه فوق ذلك.

وله أجوبة سئل عنها في السنة، فأجاب عنها بأجوبة أئمة السنة، وصدّرها بجواب إمام وقته أبي العباس بن سريج.

قول الإمام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري: الإمام في الفقه والتفسير والحديث والتاريخ واللغة والنحو والقرآن، قال في كتاب صريح السنة: وحسب امرىء أن يعلم أنّ ربه هو الذي على العرش استوى، فمن تجاوز إلى غير ذلك فقد خاب وخسر.

وقال في تفسيره الكبير في قوله تعالى: " ثم اسْتَوَى عَلى العَرْش " سورة الحديد آية 59. قال: علا وارتفع.

وقال في قوله تعالى: " ثم اسْتَوَى إلى السّماءِ " سورة الحديد آية 4. عن الربيع بن أنس: أنه يعني: ارتفع.

وقال في قوله تعالى: " عَسَى أنْ يبعَثَكَ ربُّكَ مَقاماً محْموداً " سورة فصلت آية 11. قال: يجلسه معه على العرش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير