وقال في قوله عز وجل: " يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأَطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً " سورة غافر آية 36 - 37. يقول: وأني لأظن موسى كاذباً فيما يقول ويدّعي أن له رباً في السماء أرسله إلينا.
وقال في كتاب التبصير في معالم الدين: القول فيما أدركه بيان وعلمه خبر من الصفات، وذلك نحو أخباره أنه سميع بصير.
وأن له يَدَيْن بقوله: " بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتانِ " سورة المائدة آية 64.
وأن له وجهاً بقوله تعالى: " ويَبْقَى وجْهُ ربِّكَ ذو الجَلال والإكْرَام " سورة الرحمن آية 27.
وأن له قَدَماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " حتى يضع رب العزة فيها قدمه " وأنه يضحك لقوله: " لقي الله وهو يضحك إليه " وأنه يهبط إلى سماء الدنيا بخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. وأن له أصبعاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن " فإن هذه المعاني التي وضعت ونظائرها ما وصف الله به نفسه ورسوله، مما لا يثبت حقيقة علمه بالذكر والرؤية، لا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهائها إليه. ذكر هذا الكلام عنه أبو يعلى في كتاب إبطال التأويل.
قال الخطيب: كان ابن جرير أحد العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان عارفاً بالقرآن بصيراً بالمعاني فقيهاً في أحكام القرآن، عالماً بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين في الأحكام والحلال والحرام.
قال أبو حامد الاسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن كثيراً.
وقال ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير.
وقال الخطيب: سمعت علي بن عبيد اللّه اللغوي يحكي: أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة.
قلت: وكان له مذهب مستقل له أصحاب، عده أبو الفرج المعافا بن زكريا.
ومن أراد معرفة أقوال الصحابة والتابعين في هذا الباب، فليطالع ما قاله عنهم في تفسير قوله تعالى: " فَلَما تجَلّى ربّهُ للجَبَل " سورة الأعراف آية 143.
وقوله: " تَكَادُ السّمواتُ يَتَفَطّرنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ " سورة آية سورة الشورى آية 5.
وقوله: " ثمَّ استوَى عَلى العّرْشِ " سورة الفرقان آية 59. ليتبين له أي الفريقين أولى بالله ورسوله الجهمية المعطلة أو أهل السنة والإثبات والله المستعان.
قول الإمام أبي القاسم الطبري اللالكائي: أحد أئمة أصحاب الشافعي رحمه اللّه تعالى في كتابه في السنة، وهو من أجل الكتب: سياق ما جاء في قوله عز وجل: " الرَّحْمنُ عَلَى العَرْش اسْتَوَى " سورة طه آية5. وأن اللّه عزَّ وجلَّ على عرشه في السماء، ثم ذكر قول من هذا قوله من الصحابة والتابعين والأئمة. قال: هو قول عمر، وعبد اللّه بن مسعود، وأحمد بن حنبل ... وعدَّ جماعةً يطول ذكرهم، ثم ساق الآثار في ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وعائشة، وابن عباس، وأبي هريرة، وعبد اللّه بن عمر وغيرهم.
قول الإمام محي السنة الحسين بن مسعود البغوي قدّس اللّه روحه: قال في تفسيره الذي هو شجى في حُلوق الجهمية والمعطلة في سورة الأعراف في قوله تعالى: " ثم اسْتَوى على العَرْش " آية 54: قال الكلبي ومقاتل: استقر. وقال أبو عبيدة: صعد. قال: وأوّلت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء.
قال: وأما أهل السنة فيقولون: الإستواء على العرش صفة للّه بلا كيف، يجب على الرجل أن يؤمن بذلك، ويَكِلَ العلم فيه إلى الله تعالى، ثم حكى قول مالك: الاستواء غير مجهول.
ومراد السلف بقولهم: بلا كيف، هو نفي للتأويل، فإنه التكييف الذي يزعمه أهل التأويل، فإنهم هم الذين يثبتون كيفية تخالف الحقيقة، فيقعون في ثلاثة محاذير: نفي الحقيقة، وإثبات التكييف بالتأويل. وتعطيل الرب تعالى عن صفته التي أثبتها لنفسه، وأما أهل الإثبات فليس أحد منهم يكيف ما أثبته اللّه تعالى لنفسه، ويقول: كيفية كذا وكذا، حتى يكون قول السلف بلا كيف رداً عليه، وإنما ردّوا على أهل التأويل الذي يتضمن التحريف والتعطيل تحريف اللفظ وتعطيل معناه.
ـ[عمر ابن محمد المغربي]ــــــــ[23 - 02 - 06, 02:36 م]ـ
ذكر أقوال الأئمة الأربعة رحمهم اللّه تعالى
¥