وقد يعترضُ معترضٌ فيقولُ: "أية فائدةٍ نستفيدُها من هذا التقدير؛ إذْ إنَّ لله الأسماءَ الحسنى وهي مذكورةٌ في القرآن العزيز صريحة منها: اللطيف والملك والأحدُ والعزيز والعظيم والكريمُ والقديرُ ..... ، ثم أتيتَ تقول: إنَّ "ألم" تقديرها هوَ "الأحدُ اللطيفُالملكُ". فكان ماذا؟
وأجيبُ: ربّما كانَ هذا المعترضُ قد قرأَ مقالتي فما وعاها .. فكان ماذا؟ كان من غيرِ الناجحين. وقدْ يشرحُ الأستاذُ متمكّناً ويُطيلُ الشروحَ: يجعلُ لها تنويعاً وتوسيعاً وتكراراً ثمَّ يجعلُ لها اختصاراً .. ثمَّ ماذا؟ لا ينجح في الامتحانِ إلاّ كلُّ ذي استيعابٍ عميقٍ .. تتعدَّدُ الإجاباتُ والسؤالُ واحد .. فيكونُ ماذا؟ يكونُ هناكَ راسبون .. فلماذا؟ .. الجواب يحتويه الجراب. أيريد منّي مثلُ هذا أنْ أكتشفَ له أسماءً لله غيرَ ما وردَ منْ أسماء الله تعالى في القرآن؟ أيريدُ منّي أنْ أضعَ أسماءً ثمَّ أقولَ للناس هي من أسماء الله الحسنى؟ .. فما هذا الذي بهِ قد يعترضونَ؟ .. ما هذهِ الأسئلةُ التي قد يسألونَ؟ .. فلولا يفكّّرون!
وإذا كانتْ "الم" في: "الم. اللهُ لا لهَ إلاّ هوَ الحيُّ القيّومُ" لا تتحدّثُ عنِ الله تعالى بأسماءٍ من أسمائِه الحُسنى .. فعنْ أيِّ شيءٍ سيكونُ حديثُها؟ .. فهلْ بينَ "الم" وبينَ لفظ الجلالةِ "الله" من فاصلٍ؟ هلْ بينَهما 284 آيةً؟ ..
ورحمَ الله الشيخَ "عبد الحميد كشك" فقد سمعتُه على المذياعِ منْ بعيدٍ في الزمانِ يجعلُ جمهورَ المصلينَ جَوْقةَ ترانيمَ وفرقَةَ تراتيلَ تذكرُ اللهَ تعالى بأسمائِه الحسنى:
كشك: مَنِ الأولُ؟
الجمهور: الله.
مَنِ الآخِرُ؟
الله.
مَنِ الحميدُ؟
الله.
منَ الودودُ؟
الله.
مَنِ المجيدُ؟
الله.
مَنِ الجبّارُ؟
الله.
مَنِ الرّزّاقُ؟
الله.
مَنِ العظيمُ؟
الله.
مَنِ العليمُ؟
الله.
منِ العزيزُ؟
الله.
مَنِ القديرُ؟
الله.
مَنِ البصيرُ؟
الله.
مَنِ الخبيرُ؟
الله.
مَنِ المهيمنُ؟
الله.
مَنِ الصمدُ؟
الله.
مَنِ المُحيي؟
الله.
مَنِ الحيُّ؟
الله.
مَنِ القيّومُ؟
الله.
مَنِ الواحدُ؟
الله.
مَنِ الأحدُ؟
الله.
مَنِ اللطيفُ؟
الله.
مَنِ الملِكُ؟
الله.
رحمهُ الله تعالى، ولوْ كنتُ مكانَهُ لسألتُ ثلاثةً وثلاثينً سؤالاً، ولَكنت ُ قلتُ: مَنِ "الحميدُ الودودُ المجيدُ"؟
فماذا كان سيقولُ الجمهورُ؟ ..
"الله".
رحمهُ الله تعالى، ولوْ كنتُ مكانَهُ لَكنت ُقلتُ: مَنِ "الخبيرُ البصيرُ القديرُ"؟
فماذا كان سيقولُ الجمهورُ؟ ..
"الله".
رحمهُ الله تعالى، ولوْ كنتُ مكانَهُ لَكنتُ قلتُ: مَنِ " الرحمنُ الرحيمُ الكريمُ"؟
فماذا كان سيقولُ الجمهورُ؟ ..
"الله".
رحمهُ الله تعالى، ولوْ كنتُ مكانَهُ لَكنتُ قلتُ: مَنِ "السميعُ العزيزُ المُعِزُّ "؟
فماذا كان سيقولُ الجمهورُ؟ ..
"الله".
رحمهُ الله تعالى، ولوْ كنتُ مكانَهُ لَكنتُ قلتُ: مَنِ "الأحدُ اللطيفُ الملكُ"؟
فماذا كان سيقولُ الجمهورُ؟ ..
"الله".
فسبحانَ اللهِ الأولِ الآخرِ الأحدِ اللطيفِ الملكِ المتجبّرِ المتكبّرِ المتعالِ القُدّوسِ السلامِ المؤمنِ المهيمنِ ذي الجلالِ والإكرامِ، وهوَ القائلُ وحْياً إلى رسولِهِ محمدٍ الأمينِ: "الم. اللهُ لا إلهَ إلاّ هوَ الحيُّ القيّومُ" ..
أليستْ أسماءُ اللهِ الحسنى هيَ أوْلى ما نذكرُهُ بهِ؟
أليستْ أسماءُ اللهِ الحسنى هيَ أوْلى ما نعرفُ ونعرّفُ بهِ اللهَ تعالى؟ أليستْ أسماءُ اللهِ الحسنى هيَ أوْلى ما يسبقُ أوْ يلحقُ اسمَهُ الكريمَ؟ أليستْ أسماءُ اللهِ الحسنى هيَ أوْلى ما يقترنُ بورودِ ذكرِهِ؟
فمَنْ عندَهُ تفسيرٌ أهدى وأجلى ممّا قدمتُ فليُقدِّمْهُ! ..
ومَنْ وجدَ تفسيراً في كتبِ المسلمينَ أقوى من تفسيري فلا يحرمِ الناسَ من بيانِه وتقديمِ برهانِهِ! ..
"ربّنا آتِنا مِنْ لَدُنكَ رحمةً وهيّئْ لنا منْ أمرِنا رشداً".
اللهم آتِنا أجريْنِ لا أجراً وآتِنا الحسنتيْن.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ محمدٍ الأمين.
=============
ملاحظتان:
(1) تقدير الحروف المقطعة في فواتح السور بالحروف الأولى من أسماء الله الحسنى لا يردُ في تقديراتي إلاّ لفاتحة سورة آل عمران.
(2) الفاتحة "الم" وردتْ في خمسِ سورٍ أخرى هي: البقرة، والروم، والعنكبوت، والسجدة، ولقمان. وكلُّ فاتحةٍ منها لها تقديرها الخاصُّ بها، وها هيَ الطريقة التي أتبعُها فحاول بنفسِكَ فلعلك تصلها من غيرِ انتظاري.
============
طريقة تقدير الحروف المقطعة في فواتح السور:
1 - لا بدَّ أنْ نحولَ الحروفَ إلى نصٍّ من كلماتٍ.
2 - وأنْ نسيرَ على قاعدة ثابتة وهوَ اعتبارُ أنَّ كلَّ حرفٍ منها هوَ الحرفُ الأولُ من الكلمة المُختصرة.
3 - وأنْ تكونَ الكلمةُ المختصرةُ من القرآن نفسِهِ.
4 - والأولويّةُ في التقدير هيَ أن نقدّرَ الكلمةَ من الآيةِ أوِ الآياتِ التاليةِ للفاتحةِ المشتملةِ على ذلك الحرفِ، أوْ من السورةِ نفسِها. وإنْ لمْ يتيسّرِ التقديرُ من نفسِ السورةِ فيكونُ من أيِّ آياتٍ في السورِ الأخرى.
5 - وأن يكونُ النصُّ المختارُ عندَ ربطهِ معَ الآية التالية للفاتحة موضوعِ التقديرِ متوافقاً معَ اللسانِ العربيِّ.
6 - وأنْ ينسجمَ النصُّ المختارُ في معناهُ معَ سياقِ الآيةِ أوِ الآياتِ التي تتلو الفاتحةَ موضوعَ التقدير، أوْ يندمجُ فيهِ.
¥