ويقول المقدسي: (وأصل مذهبهم إكفار علي بن أبي طالب رضي الله عنه والتبرؤ من عثمان، والتكفير بالذنب والخروج على الإمام الجائر) البدء والتاريخ (5/ 135)
ـ[أبو محمد]ــــــــ[01 - 07 - 07, 11:58 م]ـ
وفقك الله أخي أبا ريحانة .. وكذا أخي أبا حازم .. ونفعنا بعلمكما ..
أنا لم أقصد بالشذوذ ما تبادر لذهنك أيها الفاضل .. وإنما أردت أنه قول قلة منهم .. والجمهور على الرأي الأول .. وأردت بهذا توجيه كلام كثير من أهل العلم حين يتكلمون عن الخوارج فينسبون لهم التكفير بالذنوب .. فتصرفهم مبني على الغالب في هذه الفرقة، كما هو الشأن في نسبة الأقوال في جل الفرق.
المشكلة أخي الكريم -كما لا يخفاك- أن البحث في الخوارج متعب! فالتشعبات والخلافات بينهم -بل بين أهل الفرقة الواحدة منهم- واختلاف النقل عنهم - كثير جدا ..
وسأمثل بمن أشرت إليهم -بارك الله فيك- .. وهذا قد يكون مبررا لإطلاق من أطلق من العلماء عليهم هذا الوصف.
النجدات .. نُقل عنهم ما تفضلت بنقله .. ونقل ابن حزم وغيره عنهم رأيا آخر .. وهو أن مرتكب الكبيرة منهم غير كافر ومن غيرهم كافر! الفصل 5/ 53
وعلى هذا يكون قولهم هو قول الجمهور .. أو قريبا جدا منه ..
مثال آخر: بعض الإباضية يخالفون رأي أكثرهم .. وهم الحسينية -من إباضية المغرب- يرون -كما هو الحال عند النجدات في الرأي الآخر- كفر مرتكب الكبيرة من مخالفيهم .. بخلاف من كان منهم! وهذا نقله الأشعري عنهم في المقالات.
فاتضح أن قضية التكفير بالكبيرة قضية بارزة جدا في هذا المذهب .. ومنقولة حتى عند بعض الفرق المستثناة من هذا الحكم العام .. وهذا -فيما يظهر- سبب وصم أهل العلم لهم بهذه الوصمة ..
ولو أنه كلما وجد رأي مغاير للرأي المشهور عند الفرقة امتنع وصفهم بهذه العلامة لصعب ضبط حال الفرق .. ولأضحت طريقة أكثر العلماء خاطئة ..
مثال ذلك .. لا أحد يشك أن إنفاذ الوعيد في أهل الكبائر سمة بارزة للمعتزلة .. ومع ذلك فمنهم من رأى التوقف .. أي جواز مغفرة الله لأهل الكبار بلا توبة .. كما نقل هذا عنهم صاحب الفرق بين الفرق 116 .. ومع ذلك تبقى هذه القضية سمة لهم وأصلا من أصولهم عند إطلاق القول في عقيدة المعتزلة.
ومهما يكن من شيء .. فتنبيهك الكريم في هذا الموضوع على أن التكفير مذهب جمهور الخوارج لا جميعهم في محله.
ومن باب الفائدة: قد نبه على هذا أيضا الدكتور غالب العواجي في كتابه: الخوارج.
وفقك الله وسدد خطاك ونفع بك.
ـ[أبو ريحانة]ــــــــ[02 - 07 - 07, 12:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وفيك بارك أخي الكريم أبا حازم الكاتب.
ثم هذه إطلالة مختصرة على كلامكم فأقول:
وأنا أيضاً أوافقه ـ يعني أبا محمد ـ وأوافقك على أن التكفير بالكبيرة سمة بارزة للخوارج، وهذا حقيقة قولك وقوله. وإنما يكون ذلك رداً عليَّ لو أني قلت " إن التكفير بالذنوب ليست سمة من سمات الخوارج " وقد نصصت على أنه سمة بارزة لهم.
وإنما الكلام في الشرطية: هل من شرط الخارجي أن يكفر بالذنب، بمعنى هل عدم التكفير بالذنوب مانع من الوصف؟
هذه عقدة البحث فهل تريد أن تقول بأن التكفير بالكبيرة شرط، وأن عدم التكفير بالكبيرة مانع من الوصف؟
إن كنت تريد أن تقول ذلك فصرح به بارك الله فيك.
أما مسألة الانقراض فلا علاقة لها بتحقيق الوصف الشرعي فلا علاقة لها بما نحن فيه من قريب أو بعيد.
أما قولك بارك الله فيك: (1 – أنهم أول من قال بهذا وهذا مشهور قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وهم أول من كفر أهل القبلة بالذنوب بل بما يرونه هم من الذنوب واستحلوا دماء أهل القبلة بذلك) مجموع الفتاوى (7/ 481) وينظر مجموع الفتاوى (3/ 279 (
فأقول: قول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ (بل بما يرونه هم من الذنوب) يوضح ما ختمت به مقالي عن الشيخ سفر بأن أول التكفير كان لأجل واقعة التحكيم.
فكفروا علياً لذلك ثم عدوا حكمهم على الدار واستحلوها تبعاً لذلك، فهذا قول شيخ الإسلام (واستحلوا دماء أهل القبلة بذلك).
فهذا موافق للوصف المميز للخوارج الذي ذكرته في بحثي، وهو الربط بين حكمهم على الراية وبين من تحتها بالتكفير والاستحلال لعموم الدار.
¥