وقد بينا قبل أن الله لا يجوز أن يجعل هو وغيره سواء لا في قياس تمثيل ولا في قياس شمول، بل إنما يستعمل في جانبه قياس الأولى والأحرى، فما كان من باب المدح والثناء في المخلوق فهو أحق به، وما كان من باب العيب والنقص الذي يتنزه عنه المخلوق، فالخالق أحق بتنزيهه عنه
263
وقد كنت في أوائل معرفتي بأقوالهم بعد بلوغي بقريب وعندي من الرغبة في طلب العلم وتحقيق هذه الأمور ما أوجب أني كنت أرى في منامي ابن سيناء، وأنا أناظره في هذا المقام / وأقول له: أنتم تزعمون أنكم عقلاء العالم وأذكياء الناس وتقولون مثل هذا الكلام الذي لا يقوله أضعف الناس عقلا وأورد عليه مثل هذا الكلام فأقول: العقل الأول إن كان واحدا من جميع الجهات فلا يصدر عنه إلا واحد لا يصدر عنه عقل ونفس وفلك، وإن كان فيه كثرة فقد صدر عن الواحد أكثر من واحد، ولو قيل: تلك الكثرة هي أمور عدمية فالأمور العدمية لا يصدر عنها وجود، ثم إذا جوزوا صدور الكثرة عن العقل الواحد باعتبار ما فليجوزوا صدورها عن المبدع الأول بمثل هذا الاعتبار بدون هذه الواسطة كقولهم باعتبار وجوبه صدر عنه عقل وباعتبار وجوده صدر عنه نفس وباعتبار إمكانه صدر عنه فلك، فإن هذه الصفات وإن كانت أمورا ثبوتية فقد صدر عن الواحد أكثر من واحد، وإن كانت إضافة أو سلبا أو مركبا منهما فالمبدع الأول عندهم يتصف بالسلب والإضافة والمركب منهما، فبطلانُ كلامهم في هذا المقام الذي هو أصل توحيدهم يظهر من وجوه كثيرة متعددة تبين فيها أن القوم من أجهل الخلق وأضلهم وأبعدهم عن معرفة الله وتوحيده، فإن عوام اليهود والنصارى الذين لم نوافقهم أعلم بالله من خواص هؤلاء الفلاسفة المبدلين الصابئين.
293
هذا من الأجوبة القياسية الإلزامية وأنت قد قررت في أول نهايتك أن مثل هذا الكلام باطل لا ينفع في النظر، ولا يقبل في المناظرة كما تقدم نظير ذلك غير مرة / إذ حاصله الاستدلال بخطأ المنازع في موضع على صواب المستدل في موضع آخر، فمضمونه بيان تناقض المنازع، فإنه يقول له كما قلت ذلك فقل هذا لازم له، فيقول المنازع: أنا اعتقدت عدم التلازم، فإن كان اعتقادي صحيحا لم يلزم، وإن لم يكن صحيحا فقد يكون خطئي في نفس اللازم لا في إثبات الملزوم التي تنازعنا في ثبوته
[هذا المعنى كرره ابن تيمية مرارا، ولكن لعل هذا أوضح موضع له]
297
وإنما هذا بمنزلة شخص احتج على شخص في مسألة بنص أو إجماع فقال: أنا وأنت قد خالفنا النص والإجماع في نظير هذه المسألة فنخالفه فيها، ومعلوم أن هذا كلام فاسد
316
الظواهر إذا تعاضدت على مدلول واحد صار قطعيا كأخبار الآحاد إذا تواردت على معنى واحد صار تواترا، فإن الظنون إذا كثرت وتعاضدت صارت بحيث تفيد العلم اليقيني
363
وأيضا فمن تأمل كلام الرازي وجده في كثير من مسائله لا ينصر القول الذي ينصره إلا للتقية دون الاعتقاد، كما فعله في مسألة الرؤية والقرآن ونحوهما فإن كلامه يقتضي أن الرجل منافق لأصحابه الذين هم متأخرو الأشعرية فضلا عن قدمائهم
407
الداشمندية
411
واستعمالنا في هذا الموضع وفي غيره لفظ الضرورة مثل قولنا معلوم بالضرورة وبالاضطرار وهذا من العلوم الضرورية ومما يضطر الإنسان إلى العلم به ونحن مضطرون إلى العلم بكذا ونحو ذلك هو من باب المخاطبة لهم بلغتهم وعرفهم واصطلاحهم، وهذا الاصطلاح قد اشتهر حتى صار ظاهرا في ألسنة أهل العلم من عامة الطوائف والذي يضطر إليه الإنسان / قد يكون علما وقد يكون عملا، وقد يراد بالاضطرار إليه وجوده بغير اختياره، وقد يراد احتياجه إلى وجوده، فإن هذا في الأصل مشتق من الضرر
415
يقال: هذا مبني على أن الجسم مركب من الجواهر المنفردة وهذا فيه نزاع مشهور، فالمؤسس من الموافقين في هذا الأصل، فالمنازع يقول ... إلخ
[المحقق: أي أن الرازي يقول بإثبات الجوهر الفرد، وأن الجسم مركب من أجزاء متناهية كل واحد منها لا يقبل القسمة بوجه من الوجوه]
[قلت: ذكر شيخ الإسلام في مواضع كثيرة من المجلدات السابقة أن الرازي من الواقفين في هذه المسألة، فالصواب (الواقفين)]
440
¥