تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا عرف هذا فلفظ (عند) هي من الألفاظ التي يسميها النحاة ظرف مكان، فتتنوع دلالتها بتنوع معنى الاسم أو الفعل الذي يسمونه مظروفا، ويتنوع أيضا بتنوع ما يضاف / إليه من الظروف، وهي في نفسها اسم ليست حرفا، بخلاف (في) فإنها حرف، وإذا كان كذلك فهم يقولون ويستعملون ذلك في بعض الأعيان القائمة بنفسها كقولهم فلان أو المال عند فلان، ....... ويستعملون ذلك أيضا فيما يقوم بغيره من الصفات والأفعال ..... ومعلوم أن الذي عنده هو قائم بنفسه

258

فإذا قيل: زيد في البيت كان التقدير استقر أو مستقر في البيت، أو كان أو حصل أو وجد أو كائن أو حاصل ونحو ذلك

ويقولون إن ذكر عامل الظرف في خبر المبتدأ شريعة منسوخة، ومحققوهم يقولون: لم يكن هذا شريعة قط، فإن الناطقين باللغة لم ينطقوا بهذا قط، وإنما هو موجب بالقياس لكن عدل عن ذكره لوضوح المعنى بدونه، وعدم الحاجة إليه، فإن مقصودهم بذلك طرد القياس في أن الظرف إنما ينتصب بفعل مذكور أو مقدر، ومن الناس من تنازع [ينازع] في ذلك

284

قوله (فثبت بكل ما ذكرنا أن المصير إلى التأويل أمر لا بد منه لكل عاقل)

يقال: قد ذكر تسعة عشر وجها على عدد خزنة جهنم، وليس فيها ما يوجب التأويل الذي يدعي نظيره، وهو وجوب صرف الخطاب عن معناه الذي يظهر للمستمعين إلى ما ينافي ذلك

287

لا خلاف بين المسلمين بل بين العقلاء أن التأويل حيث ساغ سواء كان في كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أو كلام غير الله ورسوله إنما فائدته الاستدلال على مراد المتكلم ومقصوده ليس التأويل السائغ أن ينشئ الإنسان معاني لذلك اللفظ أو يحمله على معان سائغة / لم يقصدها المتكلم، بل هذا من أبطل الباطل وأعظمه امتناعا وقبحا باتفاق العقلاء، وهو الذي يقع فيه هؤلاء المتأولون المحرفون كثيرا، وبذلك أشعر لفظه، حيث قال: فعند ذلك قال المتكلمون: لما ثبت بالدليل أنه تعالى منزه عن الجهة والجسمية وجب علينا أن نضع لهذه الألفاظ الواردة في القرآن والأخبار محملا صحيحا

288

فمن فسر كلام الفقهاء كالشافعي وأحمد ومالك وأبي حنيفة / بدقائق الأطباء التي يقصدها بقراط وجالينوس، أو فسر كلام الأطباء بما يختص بدين المسلمين من معاني الحج والصلاة وغير ذلك لكون ذلك المعنى يصلح لذلك اللفظ في الجملة كان -مع كونه من أكذب الناس وأعظمهم افتراء- من أبعد الناس عن العقل والدين وأشدهم إفسادا للعلوم والمخاطبات.

فهكذا من نظر إلى ما يحتمله اللفظ من المعاني مما يصلح / أن يريده من ينشئ الخطاب بذلك اللفظ ففسر كلام الله وكلام رسوله به كان في إفكه وضلاله بل في كفره ونفاقه أعظم من أولئك؛ لأن الفرق بين كلام الله ورسوله وما يقصده الله ورسوله بالخطاب من معاني أسمائه وصفاته وبين الأعراب ونحوهم وما يقصدونه في خطابهم من وصف الإبل والشاء والمنازل والمياه والقبائل أعظم من الفرق بين كلام الفقهاء وكلام الأطباء.

290

وبهذا يتبين أن ما يذكره طائفة من الناس مثل هذا المؤسس وأمثاله في أصول الفقه أن الأمة إذا اختلفت في تأويل الآية على قولين كان لمن بعدهم إحداث تأويل آخر بخلاف الأحكام قول باطل، فإن تأويل الأمة للقرآن والحديث هو إخبارهم بأن هذا هو مراد الله تعالى منه قطعا أو ظاهرا، فاتفاقهم في ذلك على قول أو قولين هو كاتفاقهم في الأحكام على قول أو قولين، ولو قدر أنه أريد بالتأويل تجويز الإرادة مثل أن تقول طائفة يجوز أن يكون هذا هو المراد، وتقول طائفة أخرى يجوز أن يكون هذا هو المراد، كانوا متفقين على / أنهم لم يعلموا لله مرادا غير ذينك الوجهين، فلا يجوز أن يكون من بعدهم هو العالم بمراد الله تعالى دونهم.

319

وأيضا فالفرق ظاهر بيّنٌ معلوم بالاضطرار من اللغة بين الاستفهام الذي يقصد به نفي وجود ما يظنه الإنسان وينتظره ويرجوه ويخبر به وبين ما لا يقصد به ذلك بل يقصد به تهديده وتخويفه من الأمور الكائنة الموجودة وتحذيره منها

328

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير