/ وأيضا فمن المعلوم بالضرورة أنه لم تكن لآدم صورة خلق عليها قبل صورته التي خلقها الله تعالى.
440
المعنى الذي تدل عليه هذه العبارة التي ذكروها هو من الأمور المعلوم ببديهة العقل التي لا يحسن بيانها والخطاب بها لتعريفها، بل لأمر آخر .... / ونحو ذلك مما هو معلوم ببديهة العقل، ومعلوم أن بيان هذا وإيضاحه قبيل جدا
441
فلا بد أن يبين وجه دلالة اللفظ على المعنى من جهة اللغة ويذكر له نظير في الاستعمال.
443
قد صححه [حديث الصورة] إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وهما أجل من ابن خزيمة باتفاق الناس.
وأيضا فمن المعلوم أن عطاء بن أبي رباح إذا أرسل هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يكون قد سمعه من أحد، وإذا كان في إحدى الطريقين قد بين أنه قد أخذه عن ابن عمر كان هذا بيانا وتفسيرا لما تركه وحذفه من الطريق الأخرى، ولم يكن هذا اختلافا أصلا.
وأيضا فلو قدر أن عطاء لم يذكره إلا مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن المعلوم أن عطاء من أجل التابعين قدرا، فإنه هو وسعيد بن المسيب / وإبراهيم النخعي والحسن البصري أئمة التابعين في زمانهم .... ومعلوم أن مثل عطاء لو أفتى في مسألة فقه بموجب خبر أرسله لكان ذلك يقتضي ثبوته عنده، ولهذا يجعل الفقهاء احتجاج المرسِل بالخبر الذي أرسله دليلا على ثبوته عنده. فإذا كان عطاء قد جزم بهذا الخبر العلي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الباب العظيم أيستجيز ذلك من غير أن يكون ثابتا عنده أن يكون قد سمعه من مجهول لا يعرف أو كذاب أو سيء الحفظ؟! #
445
وأيضا فاتفاق السلف على رواية هذا الخبر ونحوه مثل عطاء بن أبي رباح وحبيب بن أبي ثابت والأعمش والثوري وأصحابهم من غير نكير سمع من أحد لمثل ذلك في ذلك العصر مع أن هذه الروايات المتنوعة في مظنة الاشتهار دليل على أن علماء الأمة لم تنكر إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورة الرحمن، بل كانوا متفقين على إطلاق مثل هذا.
....
فمن الممتنع / أن يكون في عصر التابعين يتكلم أئمة ذلك العصر بما هو كفر وضلال ولا ينكر عليهم أحد، فلو كان قوله (خلق آدم على صورة الرحمن) باطلا لكانوا كذلك.
وأيضا فقد روي بهذا اللفظ من طريق أبي هريرة والحديث المروي من طريقين مختلفين لم يتواطأ رواتهما يؤيد أحدهما الآخر ويستشهد به ويعتبر به، بل قد يفيد ذلك العلم، إذ الخوف في الرواية من تعمد الكذب أو من سوء الحفظ، فإذا كان الرواة ممن يعلم أنهم لا يتعمدون الكذب أو كان الحديث ممن لا يتواطأ في العادة على اتفاق الكذب على لفظه، لم يبق إلا سوء الحفظ، فإذا كان قد حفظ كل منهما مثل ما حفظ الآخر، كان ذلك دليلا على أنه محفوظ، لا سيما إذا كان ممن جرب بأنه لا ينسى لما فيه من تحريه اللفظ والمعنى، ولهذا يحتج من منع المرسل به إذا روي من وجه / آخر، ولهذا يجعل الترمذي وغيره الحديث الحسن ما روي من وجهين ولم يكن في طريقه متهم بالكذب ولا كان مخالفا للأخبار المشهورة.
448
والمرسل إذا اعتضد به قول الصاحب احتج به من لا يحتج بالمرسل كالشافعي وغيره.
451
وقد قدمنا أنه يجوز الاستشهاد بما عند أهل الكتاب إذا وافق ما يؤثر عن نبينا بخلاف ما لم نعلمه إلا من جهتهم فإن هذا لا نصدقهم فيه ولا نكذبهم.
ثم إن هذا مما لا غرض لأهل الكتاب في افترائه على الأنبياء، بل المعروف من حالهم كراهة وجود ذلك في كتبهم وكتمانه وتأويله، كما قد رأيت ذلك مما شاء الله من علمائهم
458
ثم إن هذا المؤسس مع كونه يحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على رفع تأثير الأفلاك والعناصر ردا على الفلاسفة يقرر في كتب له أخرى دلالة القرآن على تأثير الأفلاك والكواكب تارة عملا بما يأمر به المنجمون من الأخبار وتارة أمرا بما يأمر به السحرة المشركون من عبادتها.
460
وهو قد أضحك العقلاء على عقله بما جحده من الحسيات والمعقولات وألحد في آيات الله بما افتراه من التأويلات وأخبر عن الرسول أنه أخبر بجحد الموجودات مع أن لفظه صلى الله عليه وسلم من أبعد شيء عن هذه الترهات.
461
¥