تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 - 02 - 09, 01:54 ص]ـ

[الفوائد المنتقاة من بيان تلبيس الجهمية - المجلد السابع]

19

وهذا الحديث من أجلّ حديث كان عند ابن شهاب الزهري أعلم الأمة بالسنة في زمانه وأحفظهم للعلم وأتقنهم له، وكان قد سمعه من سعيد بن المسيب أعلم الأمة وأجلها في زمان كبار التابعين، وسمعه أيضا من عطاء بن يزيد الليثي أحد أجلاء / التابعين عن أبي هريرة وأبي سعيد أيضا، فكان يحدث به ابن شهاب الزهري عن أحدهما تارة، وتارة عنهما جميعا كما جرت عادة الزهري، فإنه لسعة علمه يكون الحديث عنده عن عدد من كبار التابعين، فيحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وهذا معروف للزهري في مواضع كثيرة من الصحيح.

45

وأما حديث أبي رزين فهو مشهور في السنن والمسانيد، لكن أهل السنن يختصرون من الحديث ما يناسب السنن على / عادتهم.

76

علم بالاضطرار أن الذي يأتيهم في هذه الصورة هو رب العالمين نفسه لا ملك من الملائكة ولا مجرد بعض آياته، ومن صرف مثل هذه الأحاديث، وهذه الألفاظ الصريحة المنصوصة إلى ملك من الملائكة أو مجيء شيء من عذاب الله أو إحسان الله فإنه -مع جحده لما يعلم بالاضطرار من هذه الألفاظ- قد فتح من باب القرمطة وتحريف الكلم عن مواضعه ما لا يمكن سده؛ إذ لا يمكن بيان المخبر عنه بأعظم من هذا البيان التام، فمن جعل هذا محتملا لم يمكن قط أن يخبر أحد أحدا بشيء من الألفاظ المبينة لمراده قطعا، وهذا كله من أعظم السفسطة وجحد / الحسيات والضروريات التي لا يستحق جاحدها مناظرة، ولهذا كان السلف ينهون عن مجادلة أمثال هؤلاء / السوفسطائية القرامطة.

79

فإن (دخل) و (خرج) يتعدى إلى الظرف والمصدر، فإذا دخلته الهمزة صار الفاعل مفعولا به، والمعنى داخلا مدخل صدق، واجعلني خارجا مخرج صدق، وإذا عدي هذا المتعدي بالباء اقتضى أن الإتيان ألصق بذلك المجرور.

فإذا قيل أتاهم بهذا أي جعل إتيانهم لاصقا بذلك المأتي / فيكون قد أتاهم ضرورة. وأما كون نفس الفاعل هنا جاء بنفسه أو لا يجب أنه جاء كما في قوله {فأتاهم الله} فهذا فيه تفصيل، فإن من الناس من يسوي بين أخرجه وأخرج به [كذا والصواب وخرج به] والصواب الفرق.

82

وأما نقلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: أتى بظلل من الغمام، بمعنى أنه يرسلها ولا يجيء هو. فهذا كذب على ابن عباس ولم يذكروا له إسنادا.

86

وأما الصفات مثل العلم والقدرة ونحو ذلك فإذا أضيف كانت إضافته إضافة نفسية إذا لم يتبين خلاف ذلك؛ إذ لم يعلم أن هذه الأمور تقوم بنفسها والصورة هي قائمة بذي الصورة، فليست من الأعيان المنفصلة عن المضاف إليه حتى تجعل بمعنى الملك، فلا يمكن أن تكون صورة الله التي يأتي فيها مخلوقا منفصلا عنه يبعثه وهو لا يأتي.

86

ومعلوم أن أحدا من الملائكة لا يقول للخلق: أنا ربكم، بل لا يدعي هذه الدعوى إلا كافر بالله / تعالى كفرعون والدجال والشيطان ... وإن كان الملك يقوله امتحانا فهذا لا يصلح كما لا يصلح أن يقول أحد من الأنبياء والمرسلين للناس: أنا ربكم، على سبيل الامتحان.

89

ولكن من شأن الجهمية أنهم يجعلون المخاطب للعباد بدعوى الربوبية غير الله، كما قالوا: إن الخطاب الذي سمعه موسى بقوله: {إني أنا ربك} كان قائما بمخلوق كالشجرة وكما قالوا في قوله (من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له) إنه يقول هذا ملك من الملائكة، وكما زعم هذا المؤسس في قوله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا} إن ربه ملك من الملائكة وهذا كله من الكفر والإلحاد.

93

فيكون تأويلهم لذلك بأن الآية التي يعرفونه بها حتى يسجدوا له هي الإحسان، كلاما متناقضا متهافتا؛ حيث جعلوا ما يتوقف معرفته به هو الإحسان، وجعلوه هناك الشدة والعذاب.

95

قال: ويتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويتمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير، قال: فيتمثل لهم الرب فيأتيهم .... / فلو كان الآتي هو ملك من ملائكة الله، أو شيء من مخلوقاته لكان بيان هذا أولى من بيان أولئك إنما جاءت أشباههم؛ إذ في هذا من المحذور ما ليس في ذلك، بل هذا التفريق بين هذا وهذا دليل واضح أن الذي أتاهم هو رب العالمين الذي تمثل لهم في الصورة، والذي اتبعه أولئك هو أشباه المعبودات، وشياطين الأنبياء، وذلك لأن الأنبياء لم يأمر بعبادتهم إلا الشياطين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير