تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والصواب الذي عليه سلف الأمة كالإمام أحمد والبخاري صاحب الصحيح في كتاب خلق أفعال العباد , وغيره وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم اتباع النصوص الثابتة , وإجماع سلف الأمة , وهو أن القرآن جميعه كلام الله حروفه ومعانيه ليس شيء من ذلك كلاماً لغيره , ولكن أنزله على رسوله وليس القرآن اسماً لمجرد المعنى ولا لمجرد الحرف بل لمجموعها , وكذلك سائر الكلام ليس هو الحرف فقط ولا المعاني فقط كما أن الإنسان المتكلم الناطق ليس هو مجرد الروح ولا مجرد الجسد بل مجموعهما.

وأن الله تعالى يتكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحيحة , وليس ذلك كأصوات العباد لا صوت القاريء ولا غيره , وأن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته علم المخلوق وقدرته وحياته , وكذلك لا تشبه كلامه كلام المخلوق , ولا معانيه تشبه معانيه , ولا حروفه يشبه حروفه , ولا صوت الرب يشبه صوت العبد؛ فمن شبه الله بخلقه فقد ألحد في أسمائه وآياته ومن جحد ما وصف به نفسه فقد ألحد في أسمائه وآياته.

"المجموع " (12/ 244)

وقال ابن قدامة المقدسي -رحمه الله- في جزئه المسمى" الصراط المستقيم في إثبات الحرف القديم".

" وكلام الله تعالى الذي تكلم به والكلام هو الحروف المنظومة والكلمات المفهومة والأصوات المعلومة.

والدليل على ذلك من وجهين:

أحدهما: من الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقول الله تعالى {آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا}

وقال لمريم {فقولي إن نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا} إلى قوله {فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا} وقال {لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن} ….

وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم:"عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به ".

البخاري (5269) ومسلم (127) بلفظ:إن الله تجاوز عن أمتي ....

وأخرجه ابن ماجه (2045): بلفظ:إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

وقوله: إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ......

مسلم (537)

وأما الإجماع: فإن الناس في أشعارهم ومنثور كلامهم وعرفهم وأحكامهم على أن الكلام النطق، ولهذا قال قائلهم: (إن كان الكلام من فضة فالصمت من ذهب)

وأشباه هذا كثيرة

وفي الشعر فما يُكلم إلا حين يبتسم

وقال هبيرة

وإن كلام المرء في غير كنهه كنبل تهوي ليس فيها نصالها

ومثل هذا كثير لا ينحصر.

وأجمعوا على أنه لو حلف لا يتكلم لم يحنث إلا أن ينطق، ولو قال: امرأته طالق إن بدأ بها بالكلام، لم يتعلق ذلك إلا بالبداية بالنطق.

وقال أهل العربية: الكلام من اسم وفعل وحرف

وقالوا: الكلام ما أفاد، ولا يكون إلا من جملة فعلية ومبتدأية، ولا ينتظم إلا من اسمين، أو اسم وفعل أو اسم وحرف في النداء خاصة , ولأن التكليم فعل متعد، يقال كلمت فلاناً كلاماً، وقد قيل اشتقاقه من الكلم وهو الجرح لأنه يؤثر في المكلم كتأثير الكلم.

والمؤثر المتعدي إنما هو النطق الذي يسمعه المكلم فيؤثر فيه تارة خوفاً، وتارة رجاء وتارة سروراً ,وتارة حزناً , وتارة تكليفاً، وتارة إسقاطاً، وأشباه هذا.

أما ما في النفس فلا يتعدى إليه , ولا يؤثر شيئا فيه، فلا يكون كلاماً ولا تكليماً.

واعترضوا على هذا من وجوه:

أحدها: أن الأخطل قال:

إن الكلام من الفوائد وإنما جعل اللسان على الكلام دليلا

وهذا شاعر نصراني عدو الله ورسوله ودينه، فيجب إطراح كلام الله ورسوله وسائر الخلق تصحيحاً لكلامه , وحمل أقوالهم على المجاز صيانة لكلمته هذه عن المجاز.

الثاني: قالوا سلمنا أن كلام الآدمي صوتاً وحرفاً , ولكن كلام الله بخلافه لأنه صفته؛ فلا تشبه صفات الآدميين ولا كلامه كلامهم.

الثالث: أن مذهبكم في الصفات أن لا تفسر فكيف فسرتم كلام الله تعالى بما ذكرتم.

الرابع: أن الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات والصوت لا يكون إلا من جسم , والله تعالى يتعالى عن هذا.

الخامس: أن الحروف يدخلها التعاقب فالباء تسبق السين والسين تسبق الميم وكل مسبوق مخلوق.

السادس: أن هذا يدخله التجزيء والتعداد , والقديم لا يتجزأ ولا يتعدد.

قلنا الجواب عن الأول من وجوه:

الأول: يحتاجون إلى إثبات هذا الشعر ببيان إسناده , ونقل الثقات له ولا نقنع بشهرته فقد يشتهر الفاسد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير