تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد سمعت شيخنا أبا محمد بن الخشاب إمام أهل العربية في زمانه يقول: قد فتشت دواوين الأخطل الكبيرة فلم أجد هذا البيت فيها.

الثاني: لا نسلم أن لفظه هكذا إنما قال:

إن البيان من الفؤاد فحرفوه

وقالوا الكلام. ......

السادس: أنه لا تصح إضافة ما ذكروه إلى الله تعالى؛ فإنه جعل الكلام في الفؤاد , والله تعالى لا يوصف بذلك وجعل اللسان دليلا عليه.

ولأن الذي عنى الأخطل بالكلام هو التروي والفكر واستحضار المعاني وحديث النفس ووسوستها؛ فلا يجوز إضافة شيء من ذلك إلى الله تعالى بلا خلاف بين المسلمين.

ومن أعجب الأمور أن خصومنا ردوا على الله وعلى رسوله ,وخالفوه , وخالفوا جميع الخلق من المسلمين وغيرهم فراراً من التشبيه على زعمهم ثم عادوا إلى تشبيه أقبح وأفحش من كل تشبيه , وهذا نوع من التغفيل , ومن أدل الأشياء على فساد قولهم تركهم قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم , وما لا يحصى من الأدلة , وتمسكوا بكلمة قالها الأخطل جعلوها أساس مذهبهم وقاعدة عقدهم.

فلو أنها انفردت عن مبطل وخلت عن معارض لما جاز أن يبنى عليها هذا الأصل العظيم فكيف , وقد عارضها ما لم يمكن رده فمثلهم كمثل رجل بنى قصرا على أعواد الكبريت في مجرى السيل.

وأما قولهم إن كلام الله تعالى يجب أن لا يكون حروفاً لأن لا يشبه كلام الآدميين.

قلنا: جوابه من وجوه

أحدها: أن الاتفاق في أصل الحقيقة ليس بتشبيه كما أن اتفاق البصر في إدراك المبصرات والسمع في أنه إدراك المسموعات , والعلم في أنه إدراك المعلومات ليس بتشبيه كذلك هذا.

الثاني: أنه لو كان ذلك تشبيهاً كان تشبيههم أقبح وأفحش على ما ذكرنا.

الثالث: أنهم إن نفوا هذه الصفة لكون هذا تشبيهاً ينبغي أن ينفوا سائر الصفات من الوجود من الحياة والسمع والبصر وغيرها.

الرابع: أننا نحن لن نفسر هذا إنما فسره الكتاب والسنة كما تقدم.

وأما قوله: إنكم فسرتم هذه الصفة

قلنا: إنما لا يجوز تفسير المتشابه الذي سكت السلف عن تفسيره وليس كذلك الكلام؛ فإنه من المعلوم بين الخلق لا شبهة فيه , وقد فسره الكتاب والسنة.

الثاني: إننا نحن فسرناه بحمله على حقيقته تفسيراً جاء به الكتاب والسنة , وهم فسروه بما لم يرد به كتاب وسنة , ولا يوافق الحقيقة , ولا يجوز نسبته إلى الله تعالى.

وأما قولهم أن الحروف تحتاج إلى مخارج وأدوات.

قلنا: احتياجها إلى ذلك في حقنا لا يوجب ذلك في كلام الله تعالى الله عن ذلك.

فإن قالوا بل يحتاج الله كحاجتنا قياسا له علينا أخطؤوا من وجوه:

أحدها: أنه يلزمهم في سائر الصفات التي سلموها كالسمع والبصر والعلم والحياة فلا يكون ذلك في حقنا إلا في جسم , ولا يكون البصر إلا في حدقة ولا السمع إلا في انخراق , والله تعالى بخلاف ذلك.

الثاني: أن هذا تشبيه لله تعالى بنا , وقياس له علينا وهذا كفر.

الثالث: أن بعض المخلوقات لم تحتج إلى مخارج في كلامها كالأيدي والأرجل والجلود التي تتكلم يوم القيامة , والحجر الذي سلم على النبي صلى الله عليه وسلم , والحصى الذي سبح في كفه , والذراع المسمومة التي كلمته.

وقال ابن مسعود: كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يأكل.

ولا خلاف في أن الله تعالى قادر على إنطاق الحجر الأصم بلا أدوات؛ فكيف عجزوا الله تعالى عن الكلام بلا أدوات.

وقولهم: أن التعاقب يدخل بالحروف

قلنا: إنما كان ذلك في حق من ينطق بالمخارج والأدوات , ولا يوصف الله تعالى في ذلك وقولهم إن القديم لا يتجزأ ولا يتعدد غير صحيح.

فإن أسماء الله معدودة قال الله تعالى {ولله الأسماء الحسنى} وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة.

البخاري (2736) ومسلم (2677)

وهي قديمة , وقد نص الشافعي على أن أسماء الله غير مخلوقة.

وقال الإمام أحمد: من قال إن أسماء الله مخلوقة فقد كفر.

وكذلك كُتُب الله تعالى؛ فإن التوراة والإنجيل والزبور والقرآن متعددة , وهي كلام الله غير مخلوقة , وإنما هذا شيء أخذوه من علم الكلام , وهو مطرح عند جميع الأئمة الأعلام.

"الصراط المستقيم" (48)

12 - درجت على ما قرره الأشاعرة كما في ص 186 من نفي العلة الغائية عن أفعال الله

قلت: أرادوا بذلك نفي الحكمة عن أفعال الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير