تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل إن شيخ الإسلام نفسه بين أنه تتبع كتب الرازي في أصول الدين جميعا، فرأى أن صاحبها ينصر مذهب الفلاسفة؛ أصحاب أرسطو وغيرهم، وهذا يفهم من قوله رحمه الله: (وقد كتبت في هذا ما يجيء عدة مجلدات، وذكرت فيها مقالات الطوائف جميعها، وحججها الشرعية والعقلية، واستوعبت ما ذكره الرازي في كتاب «تأسيس التقديس» «ونهاية العقول» وغير ذلك، حتى أتيت على مذاهب الفلاسفة المشائين أصحاب أرسطو، وغير المشائين، متقدميهم ومتأخريهم) ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=747517#_ftn13)).

ودائما ما كان يلمح إلى أن الرازي متبع للفلاسفة، وعلى رأسهم ابن سينا، في منهجهم وطرق استدلالهم؛ حيث يقول في ذلك: (والناس يعلمون أن هذه المخلوقات آيات ودلائل للخالق، فلا بد أن يكونوا يعرفونه؛ حتى يعلمون أن هذه دلائل مستلزمة له. والمقصود أن هذه الطرق العقلية الفطرية هي التي جاء بها القرآن، واتفق العقل والشرع، وتلازم الرأي والسمع. والمتفلسفة كابن سينا والرازي ومن اتبعهما، قالوا: إن طريق إثباته الاستدلالُ عليه بالممكنات، وإن الممكن لا بد له من واجب.

قالوا: والوجود إما واجب وإما ممكن، والممكن لا بد له من واجب، فيلزم ثبوت الواجب على التقديرين؛ وهذه المقالة أحدثها ابن سينا، وركبها من كلام المتكلمين وكلام سلفه.) ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=747517#_ftn14))

وأحيانا يشير شيخ الإسلام إلى تقليد الرازي لابن سينا فيما تَبِعَ فيه الطرقية الجهال المنتسبين للتصوف، ويتعجب منه؛ كيف أورد حجج هؤلاء الضلال مع ما كان له من ذكاء؟! حتى أن بعضا من المتعصبين له أنكر أن يكون ذلك من كلامه، حتى وقف عليه في ضمن كتابه الذي سماه: «المطالب العالية»، يقول شيخ الإسلام: (الذين لبسوا الكلام بالفلسفة من أكابر المتكلمين تجدهم يعدون من الأسرار المصونة والعلوم المخزونة ما إذا تدبره من له أدنى عقل ودين وجد فيه من الجهل والضلال ما لم يكن يظن أنه يقع فيه هؤلاء، حتى قد يكذب بصدور ذلك عنهم، مثل تفسير حديث المعراج الذي ألفه أبو عبد الله الرازي الذي احتذى فيه حذو ابن سينا وعين القضاة الهَمْدانِي؛ فإنه روى حديث المعراج بسياق طويل، وأسماء عجيبة، وترتيب لا يوجد في شيء من كتب المسلمين؛ لا في الأحاديث الصحيحة، ولا الحسنة، ولا الضعيفة المروية عند أهل العلم.

وإنما وضعه بعض السؤّال والطرقية، أو بعض شياطين الوعاظ، أو بعض الزنادقة، ثم إنه مع الجهل بحديث المعراج -الموجود في كتب الحديث والتفسير والسيرة، وعدوله عما يوجد في هذه الكتب إلى ما لم يسمع من عالم، ولا يوجد في أثارة من علم- فسره بتفسير الصابئة الضالة المنجمين، وجعل معراج الرسول ترقيه بفكره إلى الأفلاك، وأن الأنبياء الذين رآهم هم الكواكب: فآدم هو القمر، وإدريس هو الشمس، والأنهار الأربعة هي العناصر الأربعة، وأنه عرف الوجود الواجب المطلق، ثم إنه يعظم ذلك ويجعله من الأسرار والمعارف التي يجب صونها عن أفهام المؤمنين وعلمائهم، حتى أن طائفة ممن كانوا يعظمونه لما رأوا ذلك تعجبوا منه غاية التعجب، وجعل بعض المتعصبين له يدفع ذلك حتى أروه النسخة بخط بعض المشايخ المعروفين الخبيرين بحاله، وقد كتبها في ضمن كتابه الذي سماه: "المطالب العالية" وجمع فيه عامة آراء الفلاسفة والمتكلمين.) ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=747517#_ftn15))

ويذكر في غير موضع أن جميع الحجج والتأويلات التي أوردها الرازي في كتبه هي بعينها تأويلات بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ ([16] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=747517#_ftn16)) التي نسبه أئمة السلف بسببها إلى الردة والزندقة، والمروق من الدين؛ فيقول: (وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس -مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فُورَك في كتاب التأويلات، وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه "تأسيس التقديس" ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل: أبي علي الجُبَّائِي، وعبد الجبار بن أحمد الهمداني، وأبي الحسين البصري، وأبي الوفاء بن عقيل، وأبي حامد الغزالي وغيرهم- هي بعينها تأويلات بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ التي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير