لقد جاء الإسلامبالتوحيد الخالص، وحارب الشرك أكبره وأصغره، وحذر منه أشد التحذير، واتخذ لذلكوسائل شتى، أبرزها سد كل المنافذ التي تهب منها ريح الشرك.
من هذه المنافذ مايأتي:
• الغلو في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في تعظيمه ومدحه فقال: ((لاتطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله)) (متفق عليه).
والقرآن الكريم أثنى عليه صلى الله عليه وسلم بالعبودية لله في أشرفالمقامات، تأكيداً لهذا المعنى كقوله تعالى: (الحمد للهالذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً)،وقوله (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً)، وقوله: (فأوحى إلى عبده ما أوحى).
وكانصلوات الله عليهإذا رأى أو سمع ما يؤدي إلى الغلو في شخصه،زجر من قال ذلك أو فعله، ونبهه إلى الحق والسداد.
روى أبو داوود بسندجيد عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمف قلنا: أنت سيدنا .. قال: ((السيد الله تبارك وتعالى)).
وعن أنس أن أناساًقالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا، فقال: ((ياأيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستهوينكم الشيطان .. أنا محمد عبد الله ورسوله.وما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل)) ((رواه النسائي بسندجيد).
ولما قال له رجل:ما شاء الله وشئت قال: ((أجعلتني لله نداً؟ قل: ما شاء الله وحده)). (رواهالنسائي).
• الغلو في الصالحين:
ومما نهى عنهالإسلام وحذر منه، الغلو في شأن الصالحين.
فقد غلا قوم في شأن المسيح حتى جعلوه أبناً لله، أو ثالث ثلاثة، وقال بعضهم: إن الله هو المسيح ابن مريم.
وغلا قوم فيأحبارهم ورهبانهم فاتخذوهم أرباباً من دون الله، من هنا حذر الله من غلو أهل الكتاب وشنع عليهم في ذلك فقال: (يا أهل الكتاب لا تغلوا فيدينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)، (قل يا أهلالكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلواكثيراً وضلوا عن سواء السبيل).
وأول شرك وقع فيالأرض – هو شرك قوم نوح – كان سببه الغلو في الصالحين. جاء في صحيح البخاري عن ابنعباس في الحديث عن آلهتهم ((ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر)) قال: ((هذه أسماء رجالصالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهمالتي كانوا فيها أنصاباً، وسموها بأسمائهم. ففعلوا .. ولم تعبد، حتى إذا هلكأولئك ونسي العلم، عبدت)).
وقال بعض السلف:لما ماتوا علقوا على قبورهم، ثم صوروا تماثليهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
ومن هنا نعلم أنغلو بعض المسلمين فيمن يعتقدون صلاحهم وولايتهم الله، وبخاصة أصحاب الأضرحةوالمزارات – يؤدي إلى أنواع من الشرك، كالنذر لهم والذبح لهم والاستعانةبهم والإقسام بهم على الله ونحو ذلك، وقد يفضي بهمالغلو إلى الشرك الأكبروهو اعتقاد أن لهم سلطة وتأثيراً فيالوجود، وراء الأسباب والسنن الكونية، فيدعون من دون الله أو مع الله،وهذا هو الإثم العظيم والضلال البعيد)
وهذا كلام القرضاوي الأزهري يوافق فيه كلام الوهابيين
وله فتوى حفظه ربي عن الصوفية حيث وجه إليه هذا السؤال:
ما حقيقة الصوفية والتصوف؟ وما موقف الإسلام منه؟ نسمع أن من الصوفيين من خدم الإسلام بالعلم والعمل. ونسمع أن منهم من هدم الإسلام بالبدع والضلالات. فما الفرق بين هؤلاء وأولئك؟
فأجاب حفظه الله بهذا الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
التصوف: اتجاه يوجد في كل الأديان تقريبًا. . اتجاه إلى التعمق في الجانب الروحاني، وزيادة الاهتمام به.
يوجد هذا في بعض الأديان أكثر منه في أديان أخرى.
في الهند. . هناك فقراء الهنود، يهتمون بالناحية الروحية اهتماما بالغًا، ويجنحون إلى تعذيب الجسد من أجل ترقية الروح وتصفيتها بزعمهم.
وكذلك في المسيحية. ولا سيما في نظام الرهبانية.
وفي فارس، كان هناك مذهب ماني.
وعند اليونان ظهر مذهب الرواقيين.
وفي بلاد أخرى كثيرة، ظهرت النزعات الروحية المتطرفة، على حساب الناحية الجسدية أو المادية.
¥