ومع أنهم يقولون ((الله)) بصراحة وجلاء فلم يحسبوا بهذا القول مؤمنين، لأن الإيمان – إذا عرفت الله حقاً – ألا تعرف غيره فيما هو من شؤونه.
ولذلك يستطرد القرآن في مخاطباً هؤلاء: {فقل أفلا تتقون، فذلكم ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون، كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون}.
إن العامة عندما يشدّون الرّحال إلى قبور تضم رفات بعض الناس، وعندما يهرعون بالنذور والحاجات والأدعية إلى من يظنونهم أبواباً لله، إنما يرتكبون في حق الإسلام مآثم شنيعة
ومحبة الصالحين وبغض الفاسدين من شعائر الإسلام حقاً، ومظاهر الحب والبغض معروفة ... هي مصادقة للأحياء أو منافرة، واستغفار للموتى أو لعنة.
وأين من عواطف الحب والبغض هذا الذي يصطنعه المسلمون اليوم؟
إن الواحد منهم قد يصادق أفسق الناس، وقد يقطع والديه – وهما أحياء – ثم تراه مشمّراً مجداً في الذهاب إلى قبر من قبور الصالحين، لا ليدعو له ويطلب من الله أن يرحم ساكن هذا القبر، بل ليسأل صاحب القبر من حاجات الدنيا والآخرة ما هو مضطر إليه. وذلك ضلال مبين!
وبناء المعابد على قبور الصالحين تقليد قديم، وقد ذكر القرآن ما يدل على شيوعه في الأمم السابقة.
وفي قصة أهل الكهف تسمع قوله عز وجل: {فقالوا ابنوا عليهم بنياناً. ربهم أعلم بهم. قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً}.
ويظهر أنّ اتخاذ المساجد على القبور كبناء التماثيل، لم يكن محظوراً أول أمره إذ لم تكن له دلالة مثيرة.
غير أن البشر سفهوا أنفسهم، فالأحجار التي نحتوها للعظماء عبدوها، أو – على حد تعبيرهم – اتخذوها إلى الله زلفى.
والمعابد التي أقاموها على قبور الصالحين قدّسوها وسلكوها مسلك الأصنام في الشرك. فلما جاء الإسلام أعلن على هذين المظهرين من مظاهر الوثنية حرباً شعواء، وشدد تشديداً ظاهراً في محق هذه المساخر المنافقة.
وقد رأينا كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل علي بن أبي طالب وأمره أن يسوي بالأرض كل قبر وأن يهدم كل صنم، فجعل الأضرحة العالية والأصنام المنصوبة سواء في الضلالة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم – في البيان عن سفاهة القدامى وفي التحذير من متابعتهم -: ((لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، ((ألا لا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن هذا)).
وكان يرفع الخمرة عن وجهه في مرض الموت ويكرر هذا المعنى، وكأنه توجس شراً مما يقع به فدعا الله: ((اللهم لا تجعل قبري من بعدي وثناً يعبد)).
ومع كثرة الدلائل التي انتصبت في الإسلام دون الوقوع في هذا المحظور، أقبل المسلمون على بناء المساجد فوق قبور الصالحين.
وتنافسوا في تشييد الأضرحة، حتى أصبحت تبنى على أسماء لا مسميات لها، بل قد بنيت على ألواح الخشب وجثث الحيوانات.
ومع ذلك فهي مزارات مشهورة معمورة، تقصد لتفريج الكرب، وشفاء المرضى، وتهوين الصعاب!
وأحب ألا أثير فتنة عمياء بهدم هذه الأضرحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم لأن العرب كانوا حديثي عهد بشرك.
وجماهير العامة الآن ينبغي أن تساق سوقاً رفيقاً إلى حقائق الإسلام، حتى تنصرف – في هدوء – عن التوجه إلى الأضرحة وشدّ الرحال إلى ما بها من جثث.
وإخلاص المعلّم وأسلوبه في الدعوة، عليهما معول كبير في تمحيص العقيدة مما علق بها من شوائب وعلل.
وقد تكون لدى البعض شبه في معنى التوسل.
فلنفهم أولئك القاصرون أن التوسل في دين الله، إنما هو بالإيمان الحق والعمل الصالح، وقد جاء في السنة. ((اللهم إني أسألك بأنك الله الذي لا إله إلا هو، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد)) فهذا توسل بالإيمان بذات الله.
وجاء – كذلك توسل بالعمل الصالح في حديث الثلاثة الذين آواهم الغار.
وجاء توسل بمعنى دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب، ودعاء المسلم للمسلم مطلوب على أية حال
ولا نعرف في كتاب الله ولا في سنّة رسوله توسلاً بالأشخاص مهما علت منزلتهم – سواء كانوا أحياء أو أمواتاً – على هذا النحو الذي أطبق عليه العامة وحسبوه من صميم الدين، ودافعوا عنه بحرارة وعنف ضد المنكرين والمستغربين)) اهـ.
راجع (عقيدة المسلم) ص 64 - 69
تنبيه: للشيخ محمد الغزالي بعض الآراء التي تخالف منهج أهل السنة عفا الله عنا وعنه ورحمه عزوجل وإنما ذكرته لكونه أزهرييا
هذا الموضوع منقول من موقع (التصوف العالم المجهول)
http://almjhol.com/vb/showthread.
ـ[أبو الفضل المصرى]ــــــــ[19 - 05 - 08, 05:52 م]ـ
.....
هذا الموضوع منقول من موقع (التصوف العالم المجهول)
http://almjhol.com/vb/showthread.
بارك الله فيكم .. هذا هو الرابط الصحيح
http://almjhol.com/vb
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[19 - 05 - 08, 05:52 م]ـ
مراد الأخ أبي الحسن كما يظهر من عنوان البحث هو تجلية مواقف علماء الأزهر من الوهابية بغض النظر عن كون المادح للوهابية سلفيا أو غير سلفى ولا شك أنه عمل طيب وهو حجة على الأزهريين الطاعنين في دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
وهل يصلح هذا الاعتذار عند إيراد صاحب المقال لموقف الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله من دعوة جده؟
¥