فقد رضي الله عنهم وعن طريقتهم ليس ذلك فحسب بل وعلى من اتبعهم وسار على منهجهم بإحسان, ولا يرضى سبحانه وتعالى إلا على ما شرعه لنا, قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام ديناً).
قال الحافظ ابن كثير-رحمه الله-: " أكمل لهم الإيمان, فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً, وقد أتمه فلا ينقصه أبداً, وقد رضيه فلا يسخطه أبداً" [تفسير ابن كثير (2/ 14)].
وقد رضي مذهبهم وطريقتهم فلا يسخطه أبداً فكيف يرضى على ما يُسخطه سبحانه وتعالى؟! والله يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن إن كان كيف يكون.
رابعاًً: ما جاء في سنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مما يدل على ذلك:
منه ما جاء أن النبي –صلى الله عليه وسلم- (كان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد, وأنا آمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون! , وأصحابي آمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون!). [صحيح مسلم برقم (2531)].
فهم-رضي الله عنهم- صمام أمانٍ لهذه الأمة فلم تحدث فيهم البدع ولا الخرافات ولا العقائد الفاسدة –وحاشاهم-.
خامساًً: شهادة الصحابة أنفسهم.
فقد جاء عن ابن عباس –رضي الله عنهما- في محاجته للخوارج أنه قال لهم لما وصل إليهم وقد اجتمعوا في حاروراء يريدون الخروج على علي –رضي الله عنه-: " قالوا:-أي الخوارج لابن عباس- ما جاء بك؟ فقال: جئتكم من عند أصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وليس فيكم منهم أحد! ومن عند ابن عمِّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وعليهم نزل القرآن, وهم أعلم بتأويله ..... ". [رواه الحاكم في مستدركه برقم (2703) , وابن عبد البر في جامع العلم وفضله برقم (1834) وقد صحح إسنادها ابن كثير في البداية والنهاية (7/ 280 - 281)].
وأيضاً ما جاء عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- لما احتج على المتحلقين في المسجد يذكرون الله جماعة ويعدون ذلك بالحصى قال لهم: (ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم –صلى الله عليه وسلم- متوافرون, وهذه ثيابه لم تَبْلَ, وآنيته لم تُكسر, والذي نفسي بيده, إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد –صلى الله عليه وسلم- أو مفتتحوا باب ضلالة ... ) قال عمرو بن سلمة: " رأينا عامة أولئك الحلق يُطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج". [رواه الدارمي برقم (210)].
فعاتبهم ابن مسعود-رضي الله عنه- محتجاً عليهم بقرب أصحاب النبي –صلى الله عليه وسلم- منهم مع ذلك لم يسألوهم, وبقرب عهدهم من زمن النبوة.
و قول عمرو بن سلمة "رأينا عامة أولئك الحلق يُطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج" يدلُ أيضاً على عدم وجود صحابياً واحداً معهم.
ولذا قال ابن مسعود-رضي الله عنه- " من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- كانوا والله أفضل هذه الأمة وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه, فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم, فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ".
قال العلامة السفاريني-رحمه الله-: " فأحق الأمة بالصواب أبرها قلوباً وأعمقها علوماً وأقومها هدياً وأحسنها حالاً, من غير شك ولا ارتياب فكل خير وإصابة وحكمة, وعلم ومعارف ومكارم, إنما عُرفت لدينا ووصلت إلينا من الرعيل الأول والسرب الذي عليه المعول, فهم الذين نقلوا العلوم عن ينبوع الهدى ومنبع الاهتداء". [لوامع الأنوار البهية 2/ 380].
وقال حذيفة بن اليمان –رضي الله عنه-: " كل عبادة لم يتعبَّدها أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- فلا تعبَّدوها, فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً؛ فاتقوا الله يا معشر القراء, وخذوا بطريق من كان قبلكم". [رواه أبوداود في الزهد برقم (280) , الباعث لأبي شامة (ص15) , الاعتصام للشاطبي (3/ 53) الأمر بالإتباع للسيوطي (ص62)].
وهذه نصيحةٌ وقاعدة جليلة القدْر من صحابيٍ جليل القدر والمنزلة وقد كان حريصاً على سؤال النبي –صلى الله عليه وسلم- عن الشر مخافة أن يدركه.
سادساًً: شهادة التابعين لأصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- بسلامة معتقدهم.
¥