-من يتأمل كتاب الدكتور الأدلبي يرى بوضوح الوهم الذي أداه إلى اعتناق هذا المذهب البدعي والدفاع عنه، وحجَبَه عن اعتناق مذهب السلف، وهو التصاق مذهبهم – رحمهم الله - في ذهنه بـ" التجسيم "! حيث لم يفهم من إثبات الصفات إلا هذا المعنى الفاسد. فليته استمع إلى نصيحة العلامة الشنقيطي – رحمه الله – له ولأمثاله في رسالته " منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات "، وهي على هذا الرابط:
- http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=609
حيث نصحهم أن تعطيلهم سببه: (تنجس القلب وتلطخه وتدنسه بأقذار التشبيه، فإذا سمع ذ و القلب المتنجس بأقذار التشبيه صفة من صفات الكمال التي أثنى الله بها على نفسه؛ كنزوله إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير وكاستوائه على عرشه وكمجيئه يوم القيامة وغير ذلك من صفات الجلال والكمال، أول ما يخطر في ذهن المسكين أن هذه الصفة تشبه صفة الخلق فيكون قلبه متنجسا بأقذار التشبيه .. إلخ).
وهنا نصيحة أخرى ثمينة من الشيخ عبدالرحمن الوكيل – رحمه الله – للأشاعرة المعاصرين:
http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/52.htm
- بما أن مذهب الأشاعرة – كما هو معلوم – مذهب هلامي متطور، يخالف متأخروه متقدميه في قضايا أصولية عديدة: «كتأويل الصفات» - وقد اعترف السقاف بهذا عندما قال في رسالته: «الجواب الدقيق» (مجموع رسائله ص740) متحدثًا عن الغماري: «أما ذمه الأشاعرة؛ فالأشاعرة فرق عديدة على التحقيق، فنحن لا نحبذ طريقة الباقلاني وما يُنسب للأشعري، بل نحن ننكر طريقتهما، ونحبذ طريقة الغزالي»!! - ..
أقول: لأجل هذا الاضطراب في المذهب الأشعري حاول د / الأدلبي التملص من كل ما قد يراه يشينه، بأنه لم يقل به سوى فلان! وهكذا .. مع لوم الشيخ سفر على إلزام الأشاعرة بهذا القول. متناسيًا أنه لا ملامة على الشيخ وفقه الله؛ لسببين:
1 - أنه لم ينسب لهم إلا ماهو موثق من كتبهم (انظر هوامش كتاب الشيخ سفر).
2 - أنه يستعمل طريقة القرآن معهم، فمادام القول قد صدر من أحد رؤوسهم، ولم يُنكروه، فلا حرج إذا نُسب لهم؛ كما قال تعالى: (فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم) والعاقر واحد ..
وبه تسقط محاولة الأدلبي إلزام الشيخ بأخطاء بعض المنتسبين لمذهب السلف، لأن العلماء السلفيين لايسكتون عن الأخطاء – لاسيما في جانب المعتقد –، بل يردونها على قائلها، مهما كانت منزلته عندهم، ولا يقبلون أن تُنسب إلى مذهب السلف، بخلاف غيرهم ممن مذهبه قابل لمختلف الاجتهادات والتوسعات. فلعله يتأمل هذا الفرق المهم. وأتحداه أن يأتي بخطأ في العقيدة لعالم سلفي اشتهر وسُكت عنه.
- قال الأدلبي في كتابه (ص6): «لست أشعريًا مقلدًا والحمد لله الذي أنعم عليّ بمحبة الكتاب .. ». وأقول: تُشكر عن هذا .. ولكن: ما دمت كذلك، فلماذا تنسب نفسك لهذا المذهب (ولو من دون تقليد)، وتدافع عنه؟ ثم تُلخص عقائده في خاتمة كتابك؟ فإما أن يكون الحق فيه؛ فيلزمك أخذه كله، كما ألزمتم الأمة به عندما بدعتم أتباع مذهب السلف وافتريتم عليهم بأنهم مجسمة .. الخ. أو أنه يحوي الحق والباطل .. فيلزمك أن لا تنتسب إليه، أو تُبشر الأمة به. والأجمل بك أن تنأى بنفسك عن الدفاع عن مذهب بدعي، انحرافه أكثر من إصابته. ومافيه من صواب ستجده – لاشك – في مذهب السلف.
التعليقات الموجزة:
1 - أنكر الأدلبي على الشيخ سفر قوله عن الأشاعرة بأنهم من «فرق المرجئة الغلاة» فزعم أن هذا «قول عظيم وبهتان جسيم»، مدعيًا أن المرجئة هم فقط من يقولون «بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة»!
والجواب: أن الدكتور اختار رأيًا لا يُعرف له قائل وادعى أنه الإرجاء؛ ليُخرج فرقته الأشعرية من هذه التهمة! متناسيًا أن إمامه الأشعري قال عن المرجئة «وهم اثنتا عشرة فرقة» (مقالات الإسلاميين: 1/ 213). وأما كلام السلف في نسبة الإرجاء لمن يخرج العمل عن مسمى الإيمان، فكثيرٌ. ولو راجع الدكتور كتب العقائد المسندة لوجد من ذلك ما يزيل عنه وهمه في حصر المرجئة بقول لا يُعلم له قائل.
¥